تحديد الأولويات خطوة لمعالجة المشكلات بعقلانية
«الشروع في بناء الشرعية أساس استقرار وتقدم وقوة أي بلد ورئيس الجمهورية تبون يستطيع إضافة الجديد، كما أن التفكير بمنهجية الأولويات يعد في حد ذاته خطوة دالة على أن المشكلات ستواجه بعقلانية «.هي رؤية المحلل السياسي سليم قلالة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الذي قدمها من خلال هذا الحديث الذي خص به جريدة «الشعب».
الشعب : بعد مخاض عسير انتخب رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون الذي أعلن للصحافة، عن الملفات ذات الأولوية المتمثلة في مراجعة الدستور من خلال إجراء استفتاء شعبي ، كيف سيكون ذلك ؟
سليم قلالة : بداية ينبغي أن نقول أن التفكير بمنهجية الأولويات يعد في حد ذاته خطوة دالة على أن المشكلات ستواجه بعقلانية وبترتيب مدروس مسبقا. وعند البدء بأولوية الدستور يعني ذلك أن الرئيس الجديد اعتبر أن المشكلة التي عرفتها وتعرفها البلاد هي بالأساس سياسية، وما المشكل الاقتصادي أو الاجتماعي إلا انعكاس لها. وعليه فإن البدء بالدستور يعني طرح رؤية مختلفة عن السابقة لمؤسسات الدولة والتوازنات التي ينبغي أن تكون بينها. هناك إيحاء واضح أن تجميع الصلاحيات في يد رئيس الجمهورية، هو ما مكّن قوى غير دستورية من الاستيلاء على مقاليد الحكم والتصرف بالطريقة التي تخدم مصالحها الضيقة مما تسبب في ما آلت إليه البلاد، ومن ثم فإن الحل هو إعادة تصحيح هذا الخلل والشروع في بناء الشرعية أساس استقرار وتقدم وقوة أي بلد.
اصلاحت ضمن مشروع مستقبلي
@ تحدثت عن رؤية مختلفة لمؤسسات الدولة، هل توضح ذلك ؟
@@ في هذا المجال أود أن أشير أنه إذا ما كانت الإصلاحات السياسية المتوقعة تتم ضمن رؤية شاملة لمستقبل البلاد أم لا. وأنا أسَبِّق باستمرار الرؤية على الإصلاحات مهما كانت وأدعو إلى أن تكون الإصلاحات ضمن مشروع مستقبلي للبلاد يعده خبراء في الاستشراف وعلماء في هذا المجال، لا أن تكون إصلاحات لأجل تصحيح خلل سابق فقط، ويكون مصيرها مثل الإصلاحات السابقة التي لم تستطيع الصمود أمام التقلبات لفترة تزيد عن سنتين أو ثلاث في كل مرة. لتراجع سبب فشل دساتيرنا السابقة وعدم صعودها أمام التحولات المتسارعة. ينبغي ألا نرتكب الخطأ ذاته.
@ قانون الانتخابات والاستمرار في مكافحة الفساد، كيف سيتعامل برأيك مع هذه الملفات ؟
@@ أما بخصوص الملفات الأخرى خاصة ملف الفساد، لا أتصور أن الرئيس الجديد يستطيع إضافة الجديد، ذلك أن غالبية من كان يُشَكِّل خطرا على الوضع المستقبلي للجزائر قد تم تحييدهم، كما تم وضع القوانين اللازمة لتسيير المرحلة القادمة. في هذا المجال لا يستطيع الرئيس الجديد سوى مواصلة العملية القائمة حاليا. المجال الذي يستطيع التأثير فيه هو المجال السياسي والاقتصادي، أما ما تعلق بالمحاسبات والمحاكمات فلا أظن أنه يستطيع التأثير فيها ...
العدالة تأخذ مجراها
@ في نظرك كيف يكون الحوار الذي تعهد الرئيس تبون بأن يفتحه مع الحراك والمعارضة، وما هي برأيك الضمانات التي يمكن أن تساهم في إنهاء التشنج ؟
@@ تبقى مسألة الحوار، في تقديري ينبغي أن نميز بين الحوار مع قادة الأحزاب السياسية التي قبلت لحد الآن الحوار (جاب الله، مقري، جيلالي سفيان...) الذين كان لهم موقف محايد إن صح هذا التعبير من الانتخابات، وأولئك الذين رفضوا الانتخابات. بالنسبة للمجموعة الأولى ليس هناك إشكال في الحوار معها. أما الثانية فإنه ينبغي إعطائها ضمانات ثقة مثلما تطالب. ولا يتعلق الأمر فقط بإطلاق سراح الموقوفين إنما للغاية من الحوار. ولا أظن أن الرئيس الحالي سيبدأ حياته السياسية بالتدخل في العدالة، بل سيترك الأمور تأخذ مجراها لأن التدخل في العدالة ستكون له تبعات على أكثر من صعيد.
وأولى هذه التبعات هي المصداقية والثقة في القضاء اللذان ينبغي ألا نقترب منهما وإلا نكون قد عدنا إلى نقطة الصفر.
@ لاحظت مثل كل الجزائريين تأخر الرئيس ماكرون في تهنئة الرئيس تبون، ما هي قراءتك ؟
@@ بالنسبة لتأخر الرئيس الفرنسي في تهنئة الرئيس تبون، يجب أن نقرأها سياسيا وليس عاطفيا. بالنسبة للفرنسيين وجدوا أنفسهم في حرج هذه المرة بعد أن ساندوا إلى آخر لحظة العهدة الخامسة، ولم يتمكنوا من اتخاذ موقف واضح من الانتخابات من البداية. وعند ظهور النتائج كذلك. أما اليوم فقد حاولوا تدارك الموقف بعد أن تبين أن القوى الكبرى قد اعترفت بالانتخابات لعلهم ينجحون في ترميم أخطاء السياسة السابقة.