الأم : إن ما سمعناه من بعض الأشخاص أن والد ''حنان'' توفي في حادث مرور، أماأخوها التوأم ''فيصل'' فقد زجّ به في السجن بعدما اختلس مبلغا ماليا كبيرا من البنك الذي كان يعمل به.
الأم : لكن مالذي فكرك بها يا بني
جمال : كل الأماكن يا أمي تذكرني بها، بيتهم القديم الذي تحول إلى أطلال ومحشاشة.
كما أني التقيت هذا المساء وفي طريقي إلى هنا برفيقتها الحميمة الممرضة ''سعاد'' وعندما حاولت السؤال عنها كانت تحبيني بأسئلة مبهمة تحصني، وأدركت أنها تخفي عني شيئا ما
الأم : وماذا تظن أنها تخفي عليك
جمال : إذن مالذي حدث؟
أيعقل أن تغيب أخبارها جملة وتفصيلاولاأحدا بإمكانه معرفة أخبارهم وأحوالهم.
جمال : أين هي ؟ ماذا هي فاعلة وسط كل هذه المشاكل.
ها هي اللحظة تمر بتؤدة والهوينا، وها هو قد تذكر ''حنان '' في آخر دقيقة من زيارته للوطن، ولولا المكان المقابل للبحر المطل على '' قصر الرياس'' ، وشموخ هذه الأمواج التي تهز المكان هزا، وتراوغ هذه الصخور الماكثة إلى الأزل ، لولا هذا التشكيل الطبيعي، وحديث الأمكنة نفسها بما أوخزه شريط الماضي، ولما أيقظ في وجدانه شعلة من البو ح والهيام.
وكأن اقدار السماء كانت تحضر لهما موعدا من نوع آخر، لا يعلمه هو ولا حتى هي، وبعدما مضى على فراقهما سنوات كانت ''موريال'' وشوارعها، وهدوءها ،وصخب أشلائها وثقافة البلد الغارق في التمدن، وجامعاتها، وجميع المنشات التي تحتويها لكافية على أن تنسيه، أو تثنيه عن وحشة الوطن ، وها هي تستدعيه لكي ينخرط في أجواء جديدة فيها غواية المكان ودهشة الجماد، أما جميلاتها فهن كاللؤلؤ والمرجان أحيانا، باختلاف لغاتهن، وثقافتهن ، وهذا كفيل بأن يقلل عنه ولوالقليل من الوحشة، والوحدة والضياع اللذين عاشهما وجعلتاه يعود إلى الوطن بعد طول هذا الغياب وهو ما سهل ''لحنان'' أن تنخرط في عالم الجنون دون مقدمات، لأن الغرور أعمى بصائر الناس وجعلهم نساكا للمال حتى الثمالة.
المجنونة
نورالدين لعراجي
13
سبتمبر
2013
شوهد:651 مرة