إن ما تخفيه الحالة السورية أكثر من مجرد خلاف أمريكي ـ روسي حول توجيه ضربة عسكرية لسوريا على خلفية إستعمال أسلحة كيماوية في ريف دمشق، وإنما إشارة قوية إلى تغير قد حصل فعلا، سينتهي بموجبه الإختلال الذي طبع العلاقات الدولية على مدى ٢٣ سنة مضت، اتسمت بتفرد أمريكي في حل وعقد شؤون العالم أجمع.
حقبة أفرزت ثلاثة إختلالات رئيسية، وهن كبير عرفه المجتمع الدولي من خلال إضعاف الهيئة الأممية، وهيمنة أمريكية غير مسبوقة وأحادية قطبية صلبة ومستمرة بعد الغياب الكلي لوريثة الإتحاد السوفياتي أي روسيا، التي إنكفأت كل مشاكلها الداخلية فرضت عليها شبه إستقالة من المسائل الدولية حتى تلك الموجودة على حدودها، وهي الآن تسجل عودتها القوية إلى الساحة الدولية من خلال موقفها الصلب والثابت الداعم لسوريا، موقف أخلط أوراق المنظومة الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة التي لا تزال تصر على إستعمال القوة والعنف لمجرّد الإشتباه كما فعلت في العراق بعد إتهامه بإمتلاك أسلحة دمار شامل واستطاعت حشد العالم أجمع للإعتداء عليه، عالم هرول إلى تلبية نداء أمريكا حتى لا تتهمه بالولاء لمحور الشر الذي يضم المارقين الخارجين من بيت الطاعة والتدجين.
إن أوباما عندما رمى بالكرة في مرمى الكونغرس، هو بذلك يحتفظ لنفسه بمنفذ أخير للنجدة، بعد أن إصطدم بالحائط السوري، إقتداءً بحليفه البريطاني كامرون الذي قفز من العربة قبل إرتطامها وحفظ للمملكة المتحدة ماء الوجه، وبالفعل كان وصف وزير خارجية روسيا دقيقا عندما شبه وضع أوباما الحالي «بفيل في متجر لبيع الخزف».
أن أوباما لا يبحث عن مخرج للأزمة السورية بقدر بحثه عن مخرج للمأزق الذي أوجد نفسه فيه وإن كلفه ذلك التنازل عن بعض صلاحيته للكونغرس في سابقة قد تعيد رسم العلاقة بين البيت الأبيض والكونغرس يكبح من خلالها جماح أوباما ومن يخلفه في المكتب البيضاوي مستقبلا، خاصة إذا أنقذه بالتصويت ضد ضربة عسكرية على سوريا تخرجه من الحرج.
منفــــــذ النجــــــــــدة
أمين بلعمري
07
سبتمبر
2013
شوهد:574 مرة