خرجت مالي منتصرة من تجربة انتخابية مصيرية استطاع من خلالها الشعب أن يبعث برسالة إلى العالم أجمع، مفادها أن القارة السمراء تفضل السلوكات الحضارية والسلمية لحل مشاكلها وأزماتها. أزمات تقع مسؤولية حدوث الكثير منها على عاتق القوى الامبريالية التي استعمرت القارة وأخلطت الخرائط الانثروبولوجية والاجتماعية لشعوبها من أجل تسهيل استعمارها ونهب خيراتها ولا تزال إلى اليوم هذه القارة تعاني من تلك السياسات الاستعمارية اللعينة.
لقد خلت الانتخابات المالية في دورتيها الأولى والثانية من أي حوادث تذكر أو تعكر صفو أو مصداقية هذا الموعد الذي كان فيه الماليون عند حسن ظن المجتمع الدولي بهم، حدث شهده المئات من المراقبين الدوليين لم يختلفوا جميعهم حول جدية هذه الانتخابات وحول السير الحسن لها في كنف الهدوء الذي طالب مرشحي الرئاسة إبراهيم ابوبكر كايتا وصومايلا سيسي، من أنصارهما الالتزام به أثناء إدلائهما بصوتيهما.
إن العلامة الكاملة في هذه الانتخابات تعود إلى الشعب المالي الذي شارك بقوة فيها، والذي أدرك جيدا أنها انتخابات إنقاذ وطني ومفتاح العودة إلى المسار الديمقراطي الفتي والمبتور بانقلاب مارس ٢٠١٢ على الرئيس توماني توري ودخول البلاد في أزمة سياسية وعسكرية غير مسبوقة.
الأكيد أن هذه الانتخابات سوف لن تغير واقع الماليين بين عشية وضحاها، كما لا يمتلك الرئيس القادم الذي اختاره الشعب خاتم سليمان لحل المشاكل الكثيرة والمتراكمة ولكنه سيضمن بكل تأكيد انخراطا شعبيا عميقا في تجسيد خياراته التنموية ومشاريعه الإصلاحية والتصالحية، كما ستمنحه هذه الشرعية الشعبية مصداقية في المحيط الخارجي تمكنه من الاستفادة من كل صيغ التعاون التي توفرها القوانين والأعراف الدولية التي يحتاج إليها الماليون اليوم بشكل ملح.
الدرس المالي..
أمين بلعمري
11
أوث
2013
شوهد:636 مرة