أحيا الشعب الجزائري على قلب رجل واحد عيد الفطر المبارك في جو من التسامح والتضامن والتطلع لمزيد من الرفاهية والتطور في ظل تكريس مناخ المصالحة الوطنية والاستقرار على كافة الجبهات. ورسم الأطفال مشهدا متميزا لهذه المناسبة التي ألقت بظلالها من البهجة والارتياح والأمل على كافة ربوع الجزائر مجسدين تلك الروح المتشبعة بالقيم الأصيلة المشكلة من العناصر الجوهرية للانتماء الوطني التي تمثل القاسم المشترك والموروث الحضاري للأجيال أبا عن جد.
وقد حل العيد وبلادنا تنعم بالهدوء والاستقرار بينما يواصل الشعب الجزائري مساره التنموي متخطيا الصعاب من خلال ورشات البناء والتعمير التي أطلقتها الدولة إلى جانب مختلف الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين دون أن يقلل شهر رمضان من وتيرة العمل على صعوبته. وقد انقضى شهر الصيام في كنف التضامن مخلفا عزيمة جديدة وقوية لمواصلة الديناميكية التنموية التي بقدر ما ترتفع وتيرتها، بقدر ما تتحقق المزيد من المكاسب لفائدة المجموعة الوطنية وحصيلتها مثيرة ولا يمكن القفز عليها بما تستحقه من ضرورة تقييم وتحسين.
ولم يكن غريبا على شعبنا أن يجسد كل تلك الروح القوية بتأكيد التمسك بعناصر الهوية والانتماء وتجديد العهد معها في وقت ما أحوج فيه مجتمعنا لتعزيز التماسك واليقظة في مواجهة ما يقذفه بركان العولمة من حمم الفتن وبث للمغالطات والتشكيك تجاه الشعوب الناشئة خاصة تلك التي تحرص على استقلالها الوطني وترفض الرضوخ لمراكز النفوذ العالمية من قوى التسلط التي تعمل بمختلف الطرق لاستباحة السيادة الوطنية للدول والانفراد بثرواتها في ظل اشتداد تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية.
وبتلك الطريقة الرائعة لإحياء عيد الفطر المبارك وجه الشعب الجزائري رسالة للعالم تحمل دلالات قوية ينبغي الوقوف عندها أبرزها الحرص على الاستقرار والسكينة العامة والالتفاف القوي على القيم الوطنية الأصيلة التي لا تتأثر ببعض التصرفات هنا وهناك من وجدوا في مساحة الحريات الواسعة ومناخ الديمقراطية المتميز مكانة للدجل والتضليل إلى درجة محاولة استفزاز الشعب الجزائري المدرك للتحديات والرهانات والمتفطن لما يحاك ضده من جهات حاقدة وحاسدة لا يروق لها أن ترى الجزائر تزدهر وتنفض عن شعبها أسباب الفشل والتخلف وتغذيه بأسباب النمو والرفاهية انطلاقا من ترسيخ الثقة بالنفس والحذر مما يصدر إليه من مفاهيم مزيفة وتصورات ملغمة.
لقد تعدى الشعب الجزائري بكثير ما يعرف بـ«الربيع العربي» الذي أعدته مخابر أجنبية لقوى نيوكولونيالية، لاستهداف العالم العربي والإسلامي من خلال تسريب إخطبوط الفتنة والتحريض بالترويج المغرض لمفاهيم تبدو مطلوبة ومشروعة لكنها مدسوسة بالسم القاتل، وتبين كيف أتى ذلك «الخريف المدمر» الحامل للويلات على الشعوب ومكاسبها من الحرية والتنمية على الأخضر واليابس في البلدان التي غررت بتلك الوصفة الاستعمارية سواء عن وعي أو غفلة وشعوبها المكلومة تندب حظها اليوم.
ومن الطبيعي أن يبدي الشعب الجزائري انشغاله وقلقه بشأن ما يعرفه العالم العربي والإسلامي من تدمير للذات بعد أن وقع جانب من بلدانه في شراك المؤامرة العالمية لقوى الاستعمار الجديد الذي حدد لنفسه أهدافا حيوية تتمثل في السيطرة على تلك المجتمعات القابلة لجدل الذات والتي تعاني من هشاشة أوضاعها الداخلية بعد أن عجزت عن تحقيق التحول بإرادة ذاتية وتغيير أمورها من الداخل بالتوافق والحوار والحذر من اللجوء للخارج لاستيراد البديل وهو كله خراب وتحطيم بل هو الانتحار بعينه. ولطالما دعت الجزائر إلى اعتماد الحوار السياسي والمبادرة بالتغيير من الداخل على أسس بناء منظومة ديمقراطية تضمن الحريات الفردية والجماعية ضمن الإطار القانوني النابع من إرادة الشعوب التي تنبذ التطرف ولا تقبل عن الحرية بديلا.
وإذ يضرب الجزائريون موعدا لعيد آخر في كنف التراحم والتعاون والالتفاف على بعضه البعض، تراهم يدركون التحديات ويحرصون على نعمة الحرية والتنمية التي تبسط خيراتها على كافة ربوع بلادنا التي تزهر كل يوم بمكاسب لفائدة المجموعة الوطنية التي تقطف ثمار الاستقرار الذي تحقق طيلة السنوات الأخيرة دون أن تغفل الذاكرة الجماعية قيد أنملة عن استخلاص الدروس والعبر من الماضي القريب الذي ذاق فيه الجزائريون ويلات الفتنة ولا يمكن لعاقل أن يفكر في عودتها مستقبلا. ومن ثمة لا يمكن سوى أن يحرص الجميع على مكاسب الأمن والسكينة العامة لمواصلة بناء الجزائر المزدهرة والقوية بشعبها الحر والسيد. وكل عيد وبلادنا متألقة .
روح التضامن والتآزر في كنف الاستقرار
سعيد بن عياد
08
أوث
2013
شوهد:1811 مرة