أثبتت الإنتخابات الرئاسية أن الشعب المالي يمتلك وعيا كبيرا بالرهان الذي ينتظره، حيث ولدت الأزمة التي عاشها لديه همة وعزما في القضاء عليها نهائيا من خلال العودة إلى العمل بنظام الشرعية الدستورية وتمكين الرئيس القادم للبلاد من التعامل مع كل الملفات الشائكة والمعقدة وهو مسنود بشرعية شعبية واسعة داخليا تحصنه من النوايا أو المحاولات الانقلابية التي تعرض لها سابقوه والتمتع بقبول وتزكية دولية تمكنه من ميكانيزمات الإستفادة من مساعدات المجتمع الدولي التي تراهن عليها مالي كثيرا للخروج من مخلفات الأزمة الكارثية على جميع الأصعدة وتضع هذا المجتمع الدولي أمام مسؤولياته التي لا يمكنه التملص منها هذه المرة لإنتفاء أسباب منعها بعودة الشرعية إلى البلاد.
كما يجب أن تكون هذه المساعدات بحجم المأساة التي تعيشها مالي التي تراجع ترتيبها في قائمة الدول الأكثر فقرا في العالم، ووصل عدد اللاجئين والمهجرين الماليين إلى نصف مليون وهي أرقام لا يكفي معها مبلغ ٢ ، ٣ مليار أورو الذي وعدت الدول المانحة تقديمه في حين أن المبلغ الكفيل بإعادة تأهيل وإعمار البلاد يفوق هذا الرقم بكثير.
لقد تميزت العملية الانتخابية المالية هذه المرة على عكس سابقتها بنسبة مشاركة مرتفعة بلغت ٥٣٪ في حين جرت العادة في المواعيد الأخرى بلوغها نسبة ٤٠٪ كأقصى تقدير ما يعكس أهمية هذا الإستحقاق التاريخي وأهميته لدى الماليين الذين فضلوا كما أبرزه الفرز الأولي للأصوات شخصية وطنية توافقية هو أبو بكر إبراهيم كايتا من خلال عملية تصويت سليمة وشفافة وهي كلها معطيات تؤكد أن سلوك الناخب تميز بالبراغماتية والواقعية وإبعاد كل الإعتبارات الأخرى في إختيار المترشحين، الذي لم يمنع عددهم الكبير البالغ ٢٧ مترشحا من ترجيح كفة كايتا الذي قد يحسم الأمر لصالحه في الدور الأول.
عودة إلى الشرعية
أمين بلعمري
30
جويلية
2013
شوهد:701 مرة