لم تستطع الأحزاب السياسية التخلص من النشاط الظرفي الذي يرتبط بحدث ما سواء الاستحقاقات الانتخابية او مسايرة عنوان من العناوين في البلاد، هذه الذهنية المناسباتية أثرت تأثيرا مباشرا في حضور أي تشكيلة في المشهد القائم، وهذا من ناحية الطرح الفكري الايديولوجي المقنع الذي يعتمد على التحليل الموضوعي لسيرورة الأحداث، والتعامل معها وفق رؤية منطقية بعيدة عن تلك القراءة المنفرة.. وحتى السلبية.
هذه المفارقة في الاداء الحزبي، أخلطت المقاربات فيما يعرف بالخط السياسي، وفي كثير من الأحيان ينقل المسؤول الأول للحزب كل التشكيلة إلى موقع مايسمى بالمعارضة دون أن يكون هناك اجماع من الهياكل والقيادات .. وهذا للاسف مانقف عليه اليوم،، وهذا التصرف الأحادي الجانب،، وهذا السلوك غير المسؤول ،، أدى في نهاية المطاف الى انقسام التركيبة الحزبية الى رأسين،، كل واحد في وادي،، يعبر عن المواقف التي يراها تليق به،، والامثلة هنا كثيرة،، لا تعد ولاتحصى بحكم ما لحق بأعداد كبيرة منها من تصدعات، مانزال حتى الآن تعاني من آثارها.
كل هذا يعود في الأساس إلى أن الرؤساء أو الأمناء العامين للأحزاب يسيطرون ويقررون الخط السياسي، بشكل إنفرادي لا تشارك فيه الهياكل الحزبية الاخرى،، حتى وان استشيرت فإن مواقفها لا تلزم من يقود الحزب، يستمع للجميع لكنه لايأخذ برأيهم،، وفي كل مرة نلاحظ مثل هذه التجاذبات،، في الأحداث الكبرى التي تشهدها البلاد أي تباعد بين القيادة والقاعدة، حتى وإن حاول المسؤول الأول للحزب السير في خط معين، فإن القاعدة تثور عليه، لأسباب مرتبطة ارتباطا وثيقا بالأحداث المؤثرة، لذلك فإن منطلقات بناء الأحزاب عندنا تحتاج حقا إلى دراسة معمقة، خاصة التي تحصلت على الاعتمادات خلال المدة الاخيرة أي قبل التشريعيات السابقة، كونها اعتمدت على الشخص أكثر من الفكر أو البرنامج، وهذا التباين هو الذي أوصل إلى هذا المستوى من النشاط الحزبي المتراجع في فترات معينة، ومن جهة أخرى فإن الرؤية النخبوية في تأسيس الحزب أحدثت شرخا في التواصل مع القاعدة، ونقصد بذلك أن المؤسسين وجدوا انفسهم غير قادرين على التوجه الى إقناع المناضلين في الواقع ونعني هنا مسألة الإنخراط،، هناك العديد من الأحزاب لم تجد من ترشح في الانتخابات نظرا للنقص الفادح في العنصر البشري، واكتفت بمناداة كل من هب ودب، وهذه حقائق وقفنا عليها في العديد من المواعيد حتى أن الكثير من هذه الأحزاب لا تستطيع تنظيم حملتها الانتخابية، في الميدان، كل ما في الأمر أنها اختارت صيغة جديدة وهي النشاط الجواري، أي الذهاب إلى المقاهي والساحات العمومية والاسواق للحديث مع الناس واستمالتهم، ومثل هذا العمل يصنف في خانة النسبية،، لأن نفسية الناخب لا يمكن التحكم فيها أبدا.
تجاوز النشاط الظرفي
جمال اوكيلي
13
جويلية
2013
شوهد:690 مرة