تعكس المواجهات الحاصلة في الشارع المصري صراعا مستمرا على مدار ٦٠ عاما بين المؤسسة العسكرية والإخوان المسلمين. والسجالات بينهما يعرفها الجميع ولا داعي للعودة إليها، والإكتفاء بالمواجهة الحاصلة اليوم والمرشحة للتصعيد لتتحول إلى الشارع كقوات مكافحة شغب وما يتبع ذلك من إجراءات قد تلجأ إليها المؤسسة العسكرية كإعلان حالة الطوارئ واللجوء إلى القوانين العرفية، سيناريو تحاول جماعة الإخوان الدفع إلى وقوعه، حتى تؤكد للمجتمع الدولي أن الجيش قام بإنقلاب عسكري على رئيسه المنتخب ديمقراطيا، لتلتحق ضغوطا خارجية عليه من أجل إعادة الرئيس المعزول إلى منصبه، خاصة وأن تصرف الجيش لم يلق شجبا من القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة التي دعت فقط إلى تسريع المرحلة الإنتقالية والعودة إلى الحكم المدني، عكس توقعات الإخوان الذين لم يتصوروا إطلاقا تدخل الجيش وعزل الرئيس محمد مرسي، فكانت صدمة خلّفت إرباكا كبيرا في تعامل الإخوان مع الوضع، الذين عوّلوا كثيرا على ضغوط خارجية لردع العسكر، وبما أن هذا لم يحصل صعدّت الحركة الاسلامية من لهجتها بتبني خطاب أكثر راديكالية في معادلة «الموت أو الشرعية»، وهو خطاب يحمل كل الإحتمالات من ضمنها اللجوء إلى العنف المسلح، أي المواجهة المباشرة مع الجيش والشرطة المصريين.
الأكيد أن الجيش المصري الذي تدّخل وعزل مرسي خوفا من إنزلاق البلاد في دوامة الإنقسام بل وحتى الدخول في حرب أهلية، وجد نفسه في وضعية لا تقل تعقيدا، وتضطره إلى تبني تسوية تفرضها حرب الشوارع وتشارك فيها كل القوى الحية والفاعلة في مصر، في شكل هيئة رئاسة عليا أو مجلس رئاسي إنتقالي تمثل فيه كل هذه القوى بما فيها المؤسسة العسكرية التي لها وزنها السياسي الكبير ووزنها في الإقتصاد المصري خاصة وأنها تسيطر على الكثير من قطاعات الإنتاج في البلاد، إنها أوراق تمتلكها هذه المؤسسة ولا يمكن معها تحييدها أو إبعادها عن مراكز القرار.
حلقة أخـرى مـن الصـراع...
أمـــين بلعمــري
06
جويلية
2013
شوهد:824 مرة