كلمة العدد

المعركة الخاسرة

فضيلة دفوس
31 أكتوير 2017

مرّة أخرى نعود لنؤكّد بأنّ عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي لم تكن بريئة بالمرّة، بل على العكس تماما، فانضمامه من جديد إلى المنتظم القاري الذي غادره سنة ١٩٨٤، كان مدفوعا برغبة جامحة في كسر التضامن الإفريقي الواسع مع الجمهورية الصحراوية وقضيتها العادلة، والتآمر لإخراجها من البيت الإفريقي حتّى وإن كانت عضوا مؤسّسا فيه.
النية المبيّتة التي رافقت قرار المغرب المفاجئ بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي، تجلّت واضحة منذ البداية، والحيلة لم تنطل على أحد، إذ كيف له أن يعود إلى هذا المنتظم، والسبب الذي غادره لأجله ما زال قائما؟
فالمغرب لما قرّر مغادرة منظمة الوحدة الإفريقية قبل ٣٣ عاما، كان ذلك اعتراضا على قبولها عضوية الجمهورية الصحراوية، فكيف يعود ويقبل بالجلوس جنبا إلى جنب معها، لو لم يكن يخطّط لأمر آخر؟
المؤكّد أن المملكة المغربية لمّا فاجأت الاتحاد الإفريقي بطلب الحصول على العضوية من جديد، خطّطت لكي تبقى وحدها فيه بعد أن تطرد الجمهورية الصّحراوية، وتجلّى واضحا منذ البداية أنها ستلجأ إلى كل الأساليب والوسائل لتحقيق هذا الهدف، فبالموازاة مع مساعيها لاستمالة الدول التي تعترف بالصّحراء الغربية «وشرائها» بالأموال والاستثمارات حتى تسحب هذا الاعتراف، باشر الاحتلال المغربي التشويش على جميع القمم والاجتماعات التي يعقدها الاتحاد الإفريقي، مصرّا في كلّ مرة على منع المشاركة الصّحراوية، في خطوة تقود بالضّرورة إلى تخريب وحدة الصّف الإفريقي، وزعزعة استقرار المنتظم القاري.
ونذكر جميعا حركته الاستعراضية الفاشلة في نوفمبر الماضي، عندما حاول ضرب القمة العربية ـ الإفريقية التي انعقدت في مالابو بغينيا الاستوائية، حيث أقنع سبع دول عربية بالانسحاب معه احتجاجا على حضور الوفد الصحراوي، لكن القمّة واصلت أشغالها، وحركته كانت لا حدث، فخسر معركته الأولى مثلما خسر الثانية في موزمبيق شهر أوت الماضي خلال المؤتمر الدولي لليابان حول تنمية أفريقيا (تيكاد).
في هذه القمّة لجأ الاحتلال المغربي إلى العراك والاعتداء الجسدي على رجال الأمن الموزمبيقي فقط لأنهم قاموا بواجبهم وفتحوا الأبواب أمام الوفد الصحراوي.
ورغم العنف الذي استعمله فالجمهورية الصحراوية حضرت القمة ولم ينل سلوكه الشاذ غير الاستهجان والتعجّب.
ومثلما خسر الأولى والثانية، هاهو المغرب يخسر معركته الثالثة التي كان يعوّل كثيرا على كسبها، إذ أقرّ الاتحاد الإفريقي مشاركة الوفد الصّحراوي في القمة الإفريقية ـ الأوروبية المزمع عقدها نهاية نوفمبر في كوت ديفوار.
المؤكد أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، وانطلاقته الاقتصادية في اتجاه بعض الدول الإفريقية تاركا وراءه الاضطرابات والاحتجاجات تزلزل مدنه، غير بريئة بالمرّة، فهدفها واضح وهو سحب البساط الإفريقي من تحت أقدام البوليساريو، لكن غاب عنه أن الأفارقة بلغوا من النضج ما يجعلهم أسياد قراراتهم، ومن القدرة ما يمكّنهم من صدّ كلّ من يسعى إلى إرضاخهم لتحقيق مصالحه الضيّقة.
بلا شكٍّ، غياب المغرب أكثر من ثلاثة عقود، جعله لا يستوعب بأن الاتحاد الافريقي والدّول السّمراء تقدّمت كثيرا وهي لا تريد العودة إلى الوراء وترفض كل من يحاول التشويش عليها لجعلها تتراجع عن قرارات حسمتها منذ ٣٣ عاما.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024