العــودة إلى المـربع الأول

فضيلة دفوس
30 جوان 2013

يبدو بأن المصريين استحلوا الاعتصامات والاحتجاجات، وألفوا المرابطة في الميادين والساحات فلم يبرحوها منذ أكثر من عامين رافعين في كل مرة مطالب دون أن تنتهي هذه المطالب أو يعودوا الى بيوتهم وأعمالهم، ليتوقف الزمن بأرض الكنانة في ٢٥  يناير ٢٠١١ ويرهنها في حالة من الفوضى واللاإستقرار بالرغم من انتخاب رئيس  ومؤسسات دولة اليوم مثل البارحة،  ها هم المصريون يعودون بقوة الى المربع  الأول ويملأون الشوارع للمطالبة بتنحية الرئيس الذي انتخبته الأغلبية قبل سنة، في صورة مكررة لما وقع قبل عامين ونصف، لماخرجت مصر كلها للمطالبة برحيل مبارك.
نفس السيناريو والأجواء والأحداث نراها اليوم، فقط تختلف أسماء اللاعبين الأساسيين الذين نراهم يضعون مصر على حافة الهاوية وهم يتصارعون ويتجادبون من أجل كرسي الحكم الذي لايتسع في النهاية إلا لشخص واحد.
فإلى أين تتجه مصر، وماذا يريد المصريون تحديدا وقبل ذلك وبعده، هل ما عاشته أم لدنيا قبل عامين كانت «ثورة» حقيقية وبالتالي ماجاء بعدها من ارهاصات أمر عادي، أم أن فوضى التغيير هي ما أنتج هذا الانسداد بل هذا المأزق المفتوح على كل  الاحتمالات وبينها الانزلاق الى العنف والمواجهات المسلحة لا قدر اللّه..؟
في الواقع ليست هنالك إجابة فاصلة لهذه الأسئلة، والمهم اليوم هو الوقوف عند التطورات الخطيرة في مصر التي خرج الملايين من أبنائها للمطالبة برحيل مرسي ومن خلاله الإخوان.
ولا أعتقد بأن هؤلاء سيسلّمون بسهولة الحكم الذي انتزعوه بعد أكثر من ٨٠ عاما من السعي وراءه وبعد مجابهة طويلة بينهم وبين الأنظمة التي حكمت البلاد.
الوضع في مصر خطير، وتجارب مماثلة علمتنا، بأن الاخوان لا يسلمون ما في أيديهم بسهولة، وخاصة إذا كان هذا الذي في قبضتهم هو الحكم، فالأغلب أنهم سيدافعون  عنه بكل قوة والمحظور وارد لدى الكثير من المراقبين السياسيين  الذين لا يستبعدون مزيدا من الاصطدام  مادام الشارع المصري انقسم على نفسه، وكل قسم يحمل للآخر أثقالا من الغل والحقد، واحتمالات الحل مرتبطة بتنازلات يقدمها هذا الطرف أو ذاك، لكن ظاهريا لا يبدو أي طرف مستعد لتقديم هذه التنازلات طواعية على الأقل، فمرسي الذي يرفض مقارنته وتشبيهه بمبارك يتمسك بمنصبه والمعارضة تمهله حتى مساء اليوم للرحيل أو تجرّ مصر الى العصيان المدني، وبين الجانبين الشرخ يتوسع والدم بدأ يسيل بسقوط ضحايا، والمخرج قد لا يكون إلا في تدخل الجيش الذي نراه برغم إعلانه الحياد، يميل الى المعارضة، مثلما مال إليها لاسقاط نظام مبارك.
والتجارب علمتنا أيضا بأن مثل هذا الخيار لا يفتقد الى المخاطر الأمنية..
 أم الدنيا في وضع حرج هذا أكيد، والساعات القادمة كفيلة بأن توضح الى أين تتجه الأوضاع، فهل سيرضخ مرسي للمعارضة ويعلن تنحيه أم أنه سيتمسك بالسلطة  وتسقط مصر في فوضى العصيان المدني وما ينجرّ عنه من إنزلاقات؟ لا نستبق الأحداث، لكننا لاننظر إليها باطمئنان، فإلى أين تتجه مصر؟

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024