عاد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بالحضور في الاحتفالية بيوم العلم إلى فكر العلامة بن باديس، وطروحاته في البناء والإنماء ورؤيته الاستشرافية في مواجهة التحديات في سبيل جزائر حرة مستقلة بأبعادها الثلاثة وهويتها الإسلامية، العربية والأمازيغية.
وغاص الرئيس في عمق التحليلي الباديسي وتطلعه لمشروع وطني ينعم بالسيادة والاستقلال لا تربطه أية صلة بالاستعمار البغيض، ولا تجمعه أية علاقة بما روّج له من مغالطات ما أنزل الله بها من سلطان.
من خلال رسالة الرئيس يتضح أن الكثير من الفكر الباديسي جدير بالاتباع والاهتمام والعناية باعتباره يمتلك حلولا للكثير من قضايانا الراهنة ومشاكلنا المعقدة. وهي مشاكل كثير ما تناولها الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد الإصلاح والتربية الوطنية والعلم الذي يراه المخرج الحتمي من التخلف والجهل والتطرف والآفات الاجتماعية.
من خلال مضمون رسالة الرئيس يتضح أن هناك خارطة طريق يمكن أن تتّبع وتسلك من قبل أهل السياسة والاقتصاد والاستراتيجية ويتوقف عندها رجال الدين والفقه. في صدارتها الوسطية التي تعد المنهج السليم لرائد الإصلاح الجزائري الذي حارب بلا تردد الطرقية والتطرف والمغالاة جاعلا من الإسلام دينا ودنيا معتبرا أنه دين يسر وتسامح وتعايش وهو بعيد كل البعد عن التهم الملصقة به من تطرف وسد منافذ الحوار قتل النفس التي حرمها الشرع مثلما يجري للأسف في كثير من البلدان الإسلامية ومثلما عاشته الجزائر في حقبة العشرية التي حاولت جماعات الإجرام غرس ثقافة الحقد والفتنة التي عولجت بفضل تدابير السلم والمصالحة التي بادر بها رئيس الجمهورية وصارت مرجعية تتبع في باقي المعمورة.
على هذا الأساس جدد الرئيس بوتفليقة ـ الذي لم يتوقف لحظة عن المناداة بحوار الحضارات والتسامح والتعايش وبادر بإنشاء الأسبوع الوطني للقرآن الكريم لحث العلماء والفقهاء على التعريف بقيم الإسلام السمحاء وعدم ترك من يجهلونها يتمادون في نشر ثقافة التطرف والغلوـ توجيه الدعوة إلى أهل الاختصاص من أئمة إلى فتح باب الاجتهاد في دراسة فكر بن باديس واتخاذ منها ما يخدم استقرار الأمة وما يعزّز التماسك والتلاحم دون السقوط في التنافر والانقسام.
الوسطية التي اعتمدها بن باديس سنوات مضت هي المدخل الأنسب وبر النجاة في جزائر الأمن والأمان. وهي الحصن المنيع لها من أفكار التطرف والتدمير الذاتي وتكريس مبادئ الإسلام التي تربينا عليها منذ عقود وغذتنا بقيم المحبة والسلام والإنسانية التي تبقى أعلى من أن تداس وتشوّه من أشباه علماء (ومتفيقهين) يحاولون دوما تفسيرها حسب نظرتهم الضيقة وتطبيقها على المقاس.