أرست الجزائر خلال السنوات الماضية البنى التحتية وأطلقت المشاريع وهيّأت التّرسانة التّشريعية الملائمة، وأعطت الضوء الأخضر من أجل مساهمة جميع الفاعلين في القطاعين العمومي والخاص في عملية الإقلاع الاقتصادي، الذي مازال يمثّل جوهر التحدي التنموي القائم. إنه دون شك إقلاع يعتمد بشكل كبير على الموارد البشرية في انتاج الثروة من خلال تنويع الاقتصاد، بحيث يتم التوصل إلى معادلة متوازنة بين الواردات والصادرات.
هذه الوثبة من شأنها أن تدفع بالآلة الإنتاجية إلى أبعد الأسواق للمنافسة بثقة، وقياس هذا الإقلاع يتم عن طريق استغلال ناجع وأمثل للاستثمارات، التي دون شك استهلكت موارد كثيرة وينتظر منها الكثير على الأقل على المدى المتوسط، مع ضرورة الحرص على إنجاز الأهداف المحددة لكل قطاع، حيث في البداية يكون التقييم ورصد ما تحقق في كل استثمار، ويؤخذ بعين الاعتبار إن كان المتعامل اليوم قادرا على مواكبة المؤشرات الاقتصادية والمالية، سواء على مستوى الأسواق المحلية أو العالمية. وحتى يدرك ما المطلوب منه، وكذا نوعية المنتوج أو السلع التي يمكن أن تروّج والطلب عليها إن كان كبيرا أو العكس أي لا يكفي أن يخطط للإنتاج بشكل مسبق، بل قبل أن ينتج يدرس السوق ويرصد وجهته التسويقية.
إذا ينبغي أن ندرك جيدا أن الإقلاع لن يكون بطريقة سحرية وليس في ظرف زمني قياسي، وليس هدفا صعبا أو مستحيلا..إنّه متاح ،وقد بدأ فعلا بعد أن ادرك الجميع حتمية الخيار والتزم المتعاملون بدفع قطار التنمية نحو الأمام، بداية من التسيير الجيد وإتقان العمل داخل المؤسسة والانفتاح على الآخر، سواء فيما تعلق بتحويل التكنولوجيا أو بناء الشراكة المربحة.
إنّه الإقلاع الواقعي الذي يعتمد على القدرات المتوفرة وما أحوجها للاستغلال، انطلاقا من المورد البشري مرورا إلى المورد المالي وكذا الثروة الطبيعية، وفي كل مرة يعود السؤال ويتردد من جديد: متى يتحقق الإقلاع يا ترى..؟ إنّه مصيري بلا شك، وما أحوجنا إلى الانضباط والتكاثف والتركيز على النهوض بمشاريع حيّة منتجة للثروة، في ظل نموذج اقتصادي للنمو، يحمل الكثير من التسهيلات والمزايا، بداية من العقار إلى غاية التمويل من خلال تدفق القروض وبالإضافة إلى التسهيلات الجبائية، وتشجيع استهلاك المنتوج الوطني وإجراءات أخرى لتفعيل نشاط التصدير.
