منظومتنا الصحية... إمكانات كبيرة وخدمات رديئة؟!

أمين بلعمري
05 أفريل 2017

تعتبر مجانية الطب من أكبر الخيارات الاستراتيجية التي انتهجتها الدولة الجزائرية سنوات قليلة بعد الاستقلال، استجابة لواقع فرضته المرحلة التي أعقبت الحقبة الاستعمارية، أين وجد الشعب الجزائري نفسه يواجه الأمراض ومختلف المشاكل الناتجة عن نقص الرعاية وسوء التغذية والفقر المتفشي وغيرها من مخلفات الاستعمار، الشيء الذي حتم على الدولة الجزائرية آنذاك التفكير في استدراك تلك الأوضاع من خلال دمقرطة العلاج والسماح لقطاعات واسعة من الفئات الهشة الاستفادة من الرعاية الصحية.
كان هذا التوجه الاستراتيجي من كبرى إنجازات ثورة نوفمبر المجيدة، التي قامت من أجل تمكين الشعب الجزائري الاستفادة من خيرات ومقدرات بلاده. وبالفعل أصبحت التجربة الجزائري نموذجية في مجال الطب المجاني وألهمت الكثير من الدول الأخرى، بسبب النتائج الإيجابية التي حققها هذا التوجّه، سيما من خلال القضاء على الكثير من الأوبئة والأمراض المختلفة التي كانت منتشرة بشكل مخيف في بلادنا، كالكزاز والديفتيريا وغيرها...
إن الرهان الأكبر اليوم، هو الحفاظ على هذا المكسب وهذا يحتاج إلى تبني استراتيجيات واضحة وناجعة لضمان علاج نوعي للجزائريين. وجودة هذا العلاج تتطلب طاقما بشريا ملتزما ومحترفا، سواء تعلق الأمر بالأطباء أو بالفريق شبه الطبي الذي يبقى الحلقة الأضعف في منظومتنا الصحية، جراء نقص التكوين التقني والبيداغوجي، وهذا ما أثر سلبا ولايزال على مختلف المراحل العلاجية، بداية من القبول في المؤسسة الاستشفائية إلى غاية المتابعة في مرحلة ما بعد العلاج.
إن المتتبع للشأن الصحي في الجزائر، يكتشف أن الخدمة الصحية لا ترقى إلى مستوى الإمكانات المالية والمادية التي تخصصها الدولة للرعاية الصحية، وهذا ما يستدعي إعادة النظر في تسيير مؤسساتنا الاستشفائية التي تتوافر على إمكانات وأجهزة متطورة، لكنها لا تشتغل بكامل مقدراتها؟ وهذا بسبب لغة ألفناها وأعذار واهية أصبحت عملة متداولة في مستشفياتنا، مثل السكانير لا يشتغل، جهاز التصوير معطل، التقني غير موجود... وغيرها من الأعذار التي عطلت مصالح المواطن ورهنت مصير الكثير من المرضى وحرمتهم من حقهم في مجانية العلاج وحتمت عليهم دفع أموال طائلة لعيادات خاصة لا تتوفر بالكثير منها شروط الخدمة الصحية. في حين أن الدولة وفرت كل الهياكل والأجهزة لرعاية صحية تحفظ للمواطن كرامته وحقه في علاج جيد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024