عرف عجز الميزان التجاري الجزائري تراجعا ملحوظا الشهر الماضي، والذي يعد مؤشرا إيجابيا في الإستراتيجية التي اعتمدتها الحكومة في الأشهر الأخيرة للتقليل من آثار التراجع الكبير في الإمكانيات المالية بعد «الأزمة البترولية» التي ظهرت منذ 2014، والتي تعيشها أغلب البلدان المصدرة للنفط.
إن التحكم التدريجي في المصادر المالية والعمل على توسيع مبدأ ترشيد النفقات بدأ يعطي ثماره على الميدان من خلال وضع آليات للحد من الاستيراد بنسبة كبيرة لكل المواد، خاصة وأنّ هناك منتوجات يمكن صناعتها هنا بالجزائر وبالتالي تفادي استنزاف العملة الصعبة.
كما أن دخول نظام رخص الاستيراد يعطي أولوية كبيرة للتحكم في الكتلة المالية المخصصة لقطاع معين، على غرار استيراد السيارات، حيث أنّ تحديد أرقام مضبوطة لكل الوكلاء أضحى حلا موفقا بالنسبة لتنظيم هذا الفرع الذي سوف يعرف ازدهارا غير مسبوق بفضل المشاريع المتعددة التي سترى النور في القريب العاجل بفضل العقود المبرمة مع علامات عالمية سوف تنتج السيارات هنا بالجزائر، والتي تضاف لعلامتين دخلتا الانتاج بأيادي جزائرية بشكل موفّق.
وتوسيع «الرخص» الذي سوف يشمل منتوجات متعددة يؤهل الجزائر لتحكم أمثل في الموارد المالية، والتي تتماشى مع « الأسواق النفطية التي بالرغم من أنها لم تصل الى الأرقام القياسية التي عشناها في سنوات سابقة، إلا أنها «محترمة» في ظل تماشيها مع الاستراتيجية الجديدة التي تعتمد على ترشيد النفقات والتوظيف العقلاني للموارد المتاحة.
وبدون شك، فإنّ هذه الآليات الجديدة سوف تشجع الاستثمار المحلي الذي يضمن التموين المنتظم للسوق الداخلية بمختلف المنتوجات منها الفلاحية أو الصناعية، وبروز هذه المواد والتحسن المطرد في نوعيتها لدليل على القدرات الوطنية التي بإمكانها الوصول إلى الاكتفاء الذاتي والنظر إلى الأسواق الخارجية، لاسيما الإفريقية بتفاؤل كبير بعد التحكم في نوعية الإنتاج، وذلك لدعم الخزينة بالعملة الصعبة التي قد تعرف ارتفاعا في السنوات القادمة بمنتوجات متنوعة وليس بـ «المحروقات» التي احتكرت هذه الخانة وتراجع أسعارها أثّر مباشرة على الحصة المالية للدول النفطية ومنها الجزائر.
