كسر شوكة الاحتكار والمضاربة

سعيد بن عياد
11 فيفري 2017

يعرف قطاع التجارة في الآونة الأخيرة حركية تقود إلى إعادة ترتيبه، وفقا للضوابط والمعايير التي يتطلبها اقتصاد السوق، من خلال تأطير المبادلات الخارجية بإجراءات تتطابق مع مؤشرات الراهن الاقتصادي المحلي وتعزز توجه الخلاص من التبعية للخارج أو التقليل منه على الأقل.
كل البلدان تلجأ تحت وطأة الصدمة المالية الخارجية وقبله الأزمة المالية العالمية إلى اعتماد مسارات دقيقة وأحيانا صعبة من أجل حماية الأمن المالي وتفادي الإفراط في استنزاف الاحتياطي بالعملة الصعبة الذي يعرف اتجاها سلبيا منذ أن دخلت أسواق النفط في أزمة لا تزال تلقي بظلالها إلى اليوم وقد تمتد طيلة السنة، بحسب أغلب الخبراء.
في هذا الإطار، اعتمدت خيارات محدّدة تتعلق بالعمل على الحد من الاستيراد واللجوء إلى نظام الرخص، تماشيا مع الاحتياجات الحقيقية بالنوع والكم وانسجاما مع ما يوفره الاقتصاد الوطني من سلع وخدمات ومواد تغطي الطلب المحلي في الآجال وبالنوعية.
كانت البداية بقطاع استيراد السيارات من خلال التركيز على بديل اقتصادي يتمثل في دعم  مرافقة الاستثمار المنتج في الميكانيكا وقد برزت عدة مشاريع ذات جدوى، كما حقق برنامج إنتاج الاسمنت الأهداف المسطرة لتدخل الجزائر مرحلة إنهاء الاستيراد والتوجه إلى تصدير الاسمنت قي المدى المنظور، وأثناء ذلك شمل التوجه مواد البناء.
لا تزال فروع أخرى تثقل كاهل الخزينة وتتعلق أساسا بالمواد الغذائية الأساسية والأدوية وبعض المدخلات في الصناعة والتي تتطلب إدراجها في ديناميكية الاستثمار المنتج بالموازاة مع تفعيل الحد من الاستيراد وقد بدا ذلك بمنع استيراد الحمضيات والفواكه في مواسمها المحلية، الأمر الذي يضع المتعاملين في الفلاحة من مزارعين وفلاحين صغار ومستثمرين كبار أمام مسؤولية كبرى في مضاعفة الجهود وانجاز البرامج الاستثمارية والإنتاجية بسرعة.
إن الإجراءات المتخذة على ما فيها من ضبط للحركة وكبح لديناميكية استيراد فوضوي وغير مقنن تصّب في مصلحة المبادرة الإنتاجية ولفائدة المتعامل الذي يتخندق في صف المدافع عن الاقتصاد الوطني، من حيث إدراك التحديات المتصلة بالأمن المالي للبلاد والقناعة بالمساهمة في المجهود الوطني ولو بالقليل منه للإفلات من قبضة المتربصين بالاقتصاد الوطني الذين ينتظرون الفرصة للإجهاز على السوق بكل مكوناتها بما في ذلك السيطرة على المستهلك.
إن المستهلك هو العنصر الحاسم في هذه المعادلة الصعبة بين حجم الطلب ومحدودية العرض، ولذلك ينبغي إحاطته بالحماية المطلوبة بمنع وقوع السوق في قبضة مافيا تتحرك بأذرع ملتوية بلغت سطوتها إلى درجة تهديد الاستقرار وخلق مناخ تستثمره جهات تسعى إلى بلوغ أهداف غير اقتصادية بما في ذلك انخراط بعضهم في خدمة مصالح متعاملين أجانب يرفضون التوجه الجديد لدعم الإنتاج الجزائري.
يتوقع أن تعيد السلطات العمومية المختصة الإمساك بخيوط التجارة وحركية الأسواق بفرض الضوابط بمنع التلاعب بالأسعار برفع مستوياتها إلى درجة غير مقبولة وغير مبررة، بما في ذلك لمواد تدعمها الخزينة العمومية للدولة. ولم يخف وزير التجارة بالنيابة إرادته بمكافحة الظاهرة بالتصدي للمضاربة والغش وتضخيم الفواتير بحيث أن حماية القدرة الشرائية مسألة تصنف في خانة النظام العام، وهي حجر الأساس لاستقرار الاقتصاد والمجتمع على أساس أن كل طرف يحصل على حقه ضمن القانون.
يتوقع أن تجد هذه الإرادة مقاومة من محيط يغلب عليه النشاط الموازي غير أن الظرف بتداعياته الصعبة لا يمنح مزيدا من الوقت لتقويم التجارة بإدخال المتعاملين فيها ضمن مساحة الشفافية في المعاملات والخضوع لقواعد المنافسة النزيهة بالانتقال إلى احترافية النشاط القائم في الجوهر على احترام القانون وبالذات العمل بنظام الفوترة الذي يسمح بتحديد هامش الربح ومن ثمة ضبط مستويات الضريبة التي ينبغي أن تشمل الناشطين في الحقل الموازي، خاصة بارونات التجارة بإقحام الجماعات المحلية لتحصيل موارد ولو فصلية أو نصف سنوية هي بحاجة إليها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024