يلعب نواب «الشعب» بالمجلس الشعبي الوطني، ورقة قانون المالية للسنة الجديدة باعتباره الأهم على الإطلاق، في السنة الأخيرة من الفترة التشريعية السابعة، لاعتبارين: ارتباطه بالوضع الاقتصادي وعلاقته المباشرة بالقدرة الشرائية، ونظرا للطابع الاجتماعي، ورقة قد تكون رابحة لافتكاك تأشيرة ولوج البرلمان مجددا، من خلال محطة الانتخابات التشريعية المرتقبة بعد أشهر قلائل.
لم يتوان نواب «الشعب» في استغلال فرصة مناقشة قانون المالية، لمباشرة حملة انتخابية مبكرة، تحسبا للانتخابات لضمان افتكاك مقعد مجددا في الفترة التشريعية الثامنة. يحدث هذا رغم أنهم برزوا بقوة خلال الفترة التشريعية الجارية بالغياب ليس فقط عن جلسات الأسئلة الشفوية، بل حتى خلال جلسات مناقشة مشاريع هامة وحيوية، لاسيما تلك التي تندرج في إطار الإصلاحات.
الأمثلة كثيرة، أبرزها الغيابات التي تسببت في تأجيل المصادقة، لعدم اكتمال النصاب القانوني، على القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 76 / 112 المؤرخ في 09 ديسمبر 1976 المتضمن القانون الأساسي لضباط الاحتياط، وكذا القانون المتمم للأمر رقم 02 / 06 المؤرخ في 28 فيفري 2006 المتضمن القانون الأساسي العام للمستخدمين العسكريين.
وإذا كان طموح النواب لتمثيل الشعب مجددا مشروعا، فإن غياب النواب عموما، باستثناء بعضهم ـ باستمرار ـ ليس فقط عن مناقشة مشاريع القوانين ونقل انشغالات المواطنين، إنما حتى في الميدان الذي يفسر إلى حد بعيد ظاهرة العزوف التي باتت لصيقة بالانتخابات التشريعية والمحلية في الطبعات الأخيرة، يجعل ممارساتهم في غير صالحهم، لأن المواطن لن يجدد الثقة على الأرجح في من خيّب ظنه، ويمكن إدراج خطاب قادة مختلف الأحزاب السياسية، سواء كانت محسوبة على الموالاة أو المعارضة، حول انتهاء عهد الشكارة، أو عدم فتح المجال أمامها أصلا، في هذا السياق.
المنتخبون، ومهما كان موقعهم، مطالبون اليوم بالحرص على تمثيل حقيقي لمن وضعوا الثقة فيهم، إذا ما أرادوا تغيير أطراف المعادلة من العزوف إلى المشاركة المكثفة في الاقتراع، السبيل الوحيد الذي يضمن تمثيلا في البرلمان والمجالس المنتخبة المحلية، لأن الكرة في مرماهم، وقيادات الأحزاب لا يمكن أن تقوم بالمهام المنوطة بها.
