شراكــة مميــزة

فنيدس بن بلة
12 أكتوير 2016

احتفظت العلاقات بين الجزائر وكوبا بالطابع المميز على مدار العقود والسنين. وظلت تتعزز باستمرار تجسيدا لإرادة قادة البلدين السياسية المشددة على العمل ما في المقدرة من أجل أن تبقى الروابط مرجعية ونموذجا للحوار بين أمم الجنوب  وبوصلة تطلعها نحو الأفضل.
قواسم مشتركة تجمع البلدين ماضيا، حاضرا ومستقبلا وتطلعهما الأبدي إلى مساندة الشعوب في تقرير مصيرها مهما كان الظرف والتحدي.
ليس في هذه الرؤية والحركية صدفة بالنظر إلى طبيعة النظام السياسي ومحيطه والثورتين اللتين خاضتها الجزائر وكوبا في معركة النضال الطويل والمقاومة والحرب التحريرية. وهو نضال متواصل بشكل آخر أخذ أسلوبا مغايرا في الشكل ومتفق في المضمون غايته استكمال التحرر السياسي بالتحرر الاقتصادي في عالم مضطرب بصراعات جيو استراتيجية تقودها شركات متعددة الجنسيات تجاوزت نفوذها وجبروتها قوة الدول والوحدات السياسية.
منذ أولى بدايات ثورة نوفمبر المظفرة، نسجت الجزائر علاقات متينة مع كوبا وانخرطت معها في معركة مصيرية بهدف تحرير الأرض والإنسان. عززت معها صف النضال ووسعته إلى مختلف دوائر أمم الجنوب التي انتفضت بدورها من أجل الحرية وكسرت حاجز الخوف والتردد والتعتيم الإعلامي آخذة من البطش الاستعماري و ممارساته الوحشية وحملات الابادة، قوة انطلاق نحو الإنعتاق وتقرير المصير .
نتذكر ما كان يردده القادة الكوبيون الذين اقسموا على تحرير جزيرة الحرية من نظام باتيستا والقبضة الحديدية للاحتكارات الأمريكية التي بسطت نفوذها على الكثير من دول القارة تنفيذا لمقولة الرئيس مونرو: “أمريكا للأمريكيين”. نتذكر مقولات فيدال كاسترو، ارنيست شي غيفارة واخرين عن الثورة الجزائرية التي كانت ملهمتهم في معركة الاستقلال واثبات الهوية والذات.
ظلت قيم الحرية وتقرير المصير التي اعتمدتها ثورة الجزائر وبعدها الثورة الكوبية محرك العلاقات الثنائية ومنطلقها الدائم نحو الأعلى والأحسن تجاوبا مع طموحات قادة البلدين وتوجهاتهم ورؤيتهم القريبة والبعيدة. وهذه القيم التي تضاف إلى قيم أخرى ومقاربات تخص مساندة حركات التحرر ودمقرطة العلاقات الدولية ومراجعة النظام الدولي المختل المنجز على انقاض يالطا وبوتسدام وسان فرانسيسكو، تشكل البوصلة التي يلجأ إليها في كل إنجاز ومشروع.
على هذا الدرب، نجحت الجزائر وكوبا في إقامة شراكة استراتيجية طيلة نصف قرن أو أزيد. وحرصت على أن تتعزز هذه الشراكة في الميدان بإنجاز مشاريع في مجالات الصحة، التعليم والتربية، السياحة والرياضة والثقافة وغيرها من مجالات الحياة.
وزيارة سلال التي تأتي امتدادا لزيارات قادة البلدين من قبل، تدرج في إطار مسعى الطرفين في التنسيق السياسي  والتشاور حول أمهات القضايا التي تهم البلدين وما يتوجب أخذه من مبادرات تسوية التعقيدات الراهنة بالتي هي أحسن بعيدا عن التدخل العسكري والمرافعة لتقرير مصير شعوب لا زالت تحت نير الاستعمار  في مقدمتهم الفلسطينيون والصحراويون.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024