يظهر أن حزب جبهة التحرير الوطني قد فضل تغيير نمط الخطاب المعتمد من قبل والمتميز بالانفعال وردود الفعل التي وصفت بالعنيفة في كثير المرات، وهو ما جعله يدخل في ملاسنات ومشاحنات مع أحزاب سياسية وشخصيات معروفة.
يبدو أن سعداني، الذي أخضع الحزب لتقييم ذاتي طيلة الأشهر التي غاب فيها عن الأنظار وفضل أن يدخل المرحلة المقبلة بخطاب هادئ ومعتدل، يركز فيه على الإيجابية وتفادي الصراع مع الطبقة السياسية، مفضلا التركيز على الاستحقاقات القادمة التي ستكون مفصلية في حياة الحزب للاستحواذ على الأغلبية وتحقيق مبتغى تشكيل حكومة أغلبية من الحزب بعد اكتساح البرلمان.
يبقى حلم تشكيل حكومة من الحزب يراود سعداني، وهو ما يبرر استعانته بالطاقم الوزاري الذي يعمل حاليا في الحكومة وتوزيعهم على مختلف لجان الحزب ومنه وضعهم على رأس قوائم التشريعيات وتحضيرهم مستقبلا لقيادة الحكومة بالأغلبية ولمَ لا تعيين وزيرا أولا من حزب الأغلبية؟
ويعمل الأمين العام للأفلان على قطع الطريق أمام “أصحاب الشكارة” قبل الانتخابات التشريعية، وهي رسالة واضحة للكثير من الذين التحقوا بحزب جبهة التحرير سعيا للمناصب مقابل الأموال.
تأتي تصريحات سعداني، بعد بروز أطماع الكثيرين في تصدر قوائم التشريعيات والتي كانت دائما امتحانا عسيرا للحزب، الذي عرف سابقا حركات تمرد وعصيان عشية انطلاق الانتخابات، حيث مازالت بعض العقليات لا تقبل ترشيحها إلا على رأس القوائم، ما يؤكد أن سعداني يحاول تهيئة قواعد الحزب قبل تحديد القوائم.
وتدخل توجهات الحزب الجديدة في سياق التصدي لكل محاولات تشويه سمعة الحزب والتأثير عليه في أوساط الرأي العام، من خلال الترويج بأن الحزب يفضل أصحاب الأموال على المناضلين الحقيقيين في الانتخابات.
ويتساءل الكثيرون عن مستقبل علاقة الأمين العام بالصحافة، التي أجل موعد الرد على أسئلتها إلى غاية يوم الأربعاء، عقب اجتماع مجلس الوزراء بقيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومنه استغلال كل المواعيد مستقبلا لخدمة الحزب واكتساحه الساحة الإعلامية من خلال تنسيق العمل وفقا لأجندة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومنه التحضير للمرحلة المقبلة آخذا بعين الاعتبار الدستور الذي دخل حيز التنفيذ مارس الماضي.
في سياق تفادي تجاوز الدبلوماسية الخارجية، دعا سعداني إلى خطاب تضامني مع مختلف الدول العربية والإسلامية، لقناعته بأن منتدى الطاقة العالمي الذي احتضنته الجزائر وانتهى باجتماع استثنائي لدول “أوبك”، تم من خلاله إعادة نفخ الروح في سعر برميل النفط، وجعل الجميع يقتنع بضرورة تفادي كل ما من شأنه تعكير صفو العلاقات بين الدول، حفاظا على المصالح المشتركة. ففي أوقات خلت، كثيرون باتوا يتحدثون باسم الدول الجزائرية ولا يبالون بالتأثيرات السلبية على عديد الملفات التي تتطلب سنوات لإعادة ترميمها.
تجديد سعداني الحديث عن الدولة المدنية واستقلالية القضاء، فيه الكثير من الرسائل المشفرة للكثير من العقليات المتحجرة والبالية، كما وصفها، لتحضير نفسها لسلطان القانون.