حقّ يراد به باطل

فضيلة دفوس
27 سبتمبر 2016

بعد قطيعة استمرّت 32 عاماً، غابت خلالها عن العمل الإفريقيّ المشترك داخل الإطار المؤسسيّ للإتّحاد الإفريقيّ، احتجاجاً على دعم منظّمة الوحدة الإفريقيّة لجبهة  «البوليساريو» والاعتراف بالجمهوريّة الصحراويّة عام 1984، فاجأت المملكة المغربية  الجميع  بطلب العودة لممارسة أنشطتها كعضو أساسيّ في الإتّحاد الإفريقيّ.
وإذا كان طلب العودة إلى الحاضنة الإفريقية حقاّ مشروعا للجميع، فالمرفوض هو أن تكون هذه الخطوة مناورة سياسيّة يحاول من خلالها المغرب تحجيم انتصارات الجمهوريّة الصحراويّة وتقييد نشاطها بالضغط على الدول الافريقية لسحب اعترافاتها بها وربما طردها من الاتحاد الافريقي، وهو ما سيكون فصلاً جديداً يزيد من تعقيد القضية الصحراوية وتأخير حلّها.
في الواقع لا تبدو رغبة المغرب في العودة إلى الاتحاد الافريقي بريئة، فهو الآن أدرك أهميّة هذا المنتظم القاري وقوّته، ككيان مؤسّسيّ قويّ ومؤثّر، واقتنع بأن الغياب عنه خسارة دبلوماسيّة كبيرة لأيّ دولة إفريقيّة، لهذا قرّر وضع حدّ لسياسة الكرسي الشاغر  وفتح جبهة جديدة علّه يحقق فيها مكاسب مثل تلك التي يحقّقها في مجلس الأمن الدولي بفضل الدول الكبرى المتواطئة معه التي تتستّر على جرائمه، تحمي ظهره من أيّة عقوبات وتعيق تنظيم استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي.
لاشك أن خطوة المغرب المريبة تثير قلقا كبيرا لدى الأمانة العامّة للإتّحاد الإفريقيّ التي تخشى من أنّ يكون دافعها تصفية حساباته ونقل صراعه حول إقليم الصحراء المحتل إلى داخل أروقة الإتّحاد، وبالطبع، لا أحد داخل الأسرة الأفريقية يرغب في أن تصحب هذه العودة سجالات أو نزاعات دبلوماسيّة بين الدول الأعضاء في الإتّحاد الإفريقيّ تقوّض العمل المشترك من أجل مصلحة القارّة. وإلى أن يثبت العكس، فما نخشاه من قرار العودة إلى الإتّحاد الإفريقيّ - والتي تتطلّب إعادة تفعيلها تصويت المفوضية الإفريقية - هو أن يكون  هدف المغرب الأول والأخير، كسر التّوافق والإجماع الإفريقيّ الداعم  للقضية الصحراوية العادلة، والترويج لمؤامرة الحكم الذاتي التي يريد أن يفرضها كحل وحيد فصّله على مقاسه.
ويبقى المؤكد أن القرار المغربي المفاجئ بالعودة إلى الاتحاد الافريقي، على الرغم من أن موقفه من قضية الصحراء لم يتغير؛ يثير العديد من التساؤلات حول دلالات هذه العودة في هذا التوقيت بالذات الذي سيشهد قريبا اختيار خليفة للمفوضة الحالية للاتحاد نكوسازانا دلاميني زوما.
فحسب كثيرين، تهدف خطوة المغرب للحيلولة دون رئاسة شخصية دبلوماسية جزائرية للمفوضية؛ حيث تتذكّر الرباط جيدا رئاسة الدبلوماسي الجزائري إسماعيل الشرقي لمجلس السلم والأمن الإفريقي، والتي تمّ التصويت خلالها على قرار غير ملزم بمقاطعة منتجات الشركات، التي تستغل المصادر الطبيعية في الصحراء الغربية بطريقة غير شرعية.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024