ما حدث مؤخرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي من نشر لمواضيع البكالوريا، فتح الأعين على الاستعمال السيء لهذه الوسائط من طرف شباب، حولوها مع الأسف من وسائط للتواصل وتبادل المعلومات والأفكار، إلى وسائط للغش والإشاعة وزرع الشك والتحريض والشتم..
الحادثة وإن كانت مدبّرة وموجّهة لضرب السير الحسن للامتحانات، إلا أنها أظهرت وبيّنت أخطر ما وصل إليه استعمال تلك المواقع من طرف الشباب بصفة عامة والطلبة بصفة خاصة، فهي مسّت بقدسية الشهادة، وبالمبادئ والأخلاق التي يجب على الطالب التحلي بها، والأدهى أن بعض الطلبة وضعوا ثقتهم فيما نشر، وخرجوا سعداء ومفتخرين بما قاموا به يوم الامتحان، ومن لم يطلع على تلك المواضيع المسربة عبَّر عن حسرته وندمه؟؟!!
بعيدا عن النقاش الذي دار حول من يتحمّل المسؤولية ومسألة حجب تلك المواقع من عدمه، أعتقد أنه من الواجب البحث أولا عن الأسباب التي تدفع طالب اليوم إلى محاولة الغش والنجاح دون جهد وتعب، وما الذي جعله يفكر ويبحث عن استعمال طرق غير أخلاقية للحصول على الشهادات، ولا يبحث عن تحسين ورفع المستوى ومراجعة وحفظ الدروس، ثم لماذا أصبح يثق فيما ينشر عبر تلك الوسائط الإلكترونية، رغم علمه المسبق بأنها أصبحت مصدرا للشائعات والأخبار الكاذبة. فما حدث يضع مستوى طالب اليوم على المحك، ويجعلنا نتساءل: هل المشكل في البرنامج والمناهج الدراسية أم في مستوى الأساتذة أو في غياب التحفيز الأسري..؟ فالأمر يحتاج فعلا إلى دراسة وتحليل وبحث عميق من طرف المعنيين والخبراء والمختصين، لأن القضية تتعلق بمستقبل أجيال يعوّل عليها البلد من أجل نهضته وتطوره. فهذا الجيل الذي أصبح يقضي معظم أوقاته في الإبحار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في حاجة إلى من يوجهه داخل الأسرة أولا وفي المدرسة ثانيا، حتى تترسّخ في ذهنه أن هذه المواقع هي مجرد وسائط للتواصل الافتراضي وتبادل معلومات تحتمّل الصدق والكذب، وليست طريقا للنجاح والحصول على الشهادات. فقيمة العلم توجد في الكراس والكتاب، وليس في مواقع “الجامات” و«اللايكات”.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.