حظيت الشهيدة سارة الموفق، واحدة من ضحايا العملية الإرهابية التي استهدفت مدينة بن قردان بتونس الشقيقة، والتي ذهب ضحيتها العديد من الشهداء، ونظرا لما خلفته هذه الواقعة من تحريك الضمير الإنساني قصمت ظهر الضمير الإبداعي والشاعري لأصحاب ملكات الإبداع، وكغيره من الكتاب والأدباء، خاصة الشعراء منهم، اعتمد الوزير الشاعر ميهوبي قصيدة «الفراشة والمسوخ» وهي نص شعري أهداه إلى روح سارة، ومن خلالها إلى أرواح أولئك الذين سقطوا في موجة العنف والموت المجاني. واصفا إياها في شكل تساؤل، قل لي يا أبي لماذا تونسي تبكي؟ولماذا يغتالون الجميل في وطن يكبر في دمي، ومن هنا جاءت المفردات تأخذ سياق الرثاء المتسلسل في جيوب من اللغة والمعاني المفردة، أضفت جمالية على القصيدة ومنحتها لغة موسيقية متزنة، تدخل القلب لتستقر به وتحرك مشاعر المتلقي فور قراءتها الأولى، بعيدا عن الملل والتكلف وهذا ليس ببعيد عن شاعر كانت أولى تجاربه من رحم الأوراس.
الإبداع لا حدود له ولا وطن يمكنه حبس أنفاس المبدع مهما كانت أسباب المواجع أحجامها وجزئياتها، فكل الأحزان واحدة على بلدين شقيقين تقاسما كل ويلات الاستعمار والاستغلال وكللت مقاومتهم لهذا الغضب، فكان النصر والشهادة لهما تعويضا عن كل الإخفاقات فاختلطت دماءهم في لون واحد، وعلى أرض واحدة لا تعترف بحدود الوهم والأحلام صورة سارة وهي تزف على أبيات قصيدة الشاعر الوزير عزالدين ميهوبي كان له وقعه، وحكمته فكان المشهد أكبر تعبيرا لهذه البرعمة التي لم تشفع لها طفولتها أمام همجية تتارية أفسدت الحرث والنسل، الصورة التي جاءت بها القصيدة تحيلنا إلى الكتابات التي أبدع فيها إخواننا التونسيون من أمثال أبوالقاسم الشابي وهو يتحدث عن ثورة نوفمبر ويمجد بطولات المجاهدين ويذكر خلود الشهداء.
الحقيقة أن الإبداع هو الخلق والتجاوز، فإذا نطقت ملكة الحرف لا يمكن في أي حال من الأحوال تقييدها أو حجبها، فحضورها كنص أدبي أكبر بكثير من الحدود والجغرافيا والتاريخ، فلها المجد الذي باعوه بثمن بخس ولها مجد الوطن الذي خانوه وابتاعوه باللات وحتما ستكون لهم النهايات التعيسة تعاسة اختياراتهم الدنيئة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.