في مثل هذا اليوم وقبل 54 سنة، خرج سكان الجنوب الكبير في مظاهرات حاشدة ضد سياسة ديغول، الداعية لفصل الصحراء عن الشمال، المؤامرة جاءت بعد خطابه، معلنا نيته في منح الاستقلال للجزائر، مستثنيا من ذلك الصحراء الجزائرية من بشار إلى حاسي مسعود ومن إليزي إلى عين صالح، وهو الحرص الذي عملت ودأبت عليه فرنسا الاستعمارية قصد الاستيلاء على الثروات الباطنية وتوظيف الشركات الأجنبية، التي كانت تنهب خيرات البلاد.
27 فيفري 1962 لم يكن يوما عاديا في تاريخنا النضالي المجيد، بل كان محطة مفصلية، راهنت عليها الحكومة المؤقتة وجبهة التحرير، بعدم السماح في أي شبر من التراب الجزائري.
صحيح الفاتورة لا تخلو من مؤامرات الانفصال، كورقة ضغط على المفاوضات التي وصلت مرحلتها الأخيرة، وما هي إلا أشهر قلائل حتى تجرعت فرنسا خيبتها، وانتهى مسلسل المساومة أمام الانتصارات الكثيرة التي حققتها الثورة في الجبال وانتقالها إلى المدن، ناهيك عن الضغط الدولي ضد الحكومات الفرنسية التي سقطت الواحدة تلوى الأخرى.
منقذ السياسة الفرنسية ديغول، لم يصمد رغم مخططاته ومشاريعه الوهمية التي جاء بها، معتقدا أنه سيعزل الثورة عن الشعب، وكأنه يقول للنار لا تشتعلي، وهاهي الصحراء تخرج عن بكرة أبيها منددة بسياسة الانفصال الجهنمية الاستعمارية.
خطوة من ذهب سجلها أبناء الجنوب الكبير، رافضين التقسيم مرددين الجزائر وحدة ترابية واحدة موحدة، فكانت التعبئة والتجنيد بأمر من جبهة التحرير، مما غيّر الخارطة الاستعمارية نحو منعرج أفقد هيبتها الجمهورية، إلى أن صارت صغيرة على طاولة المفاوضات، وعاد وفدها يجر أذيال خيبته، أمام شعب لا يقهر ولا يستعبد.
ونحن نتحدث عن هذه الفكرة الاستيطانية، فإن صحراءنا اليوم في حاجة إلى تكاتف الجهود والتعبئة والحس الوطني النابع من مرجعيتنا النوفمبرية، لحماية حدودها الملغمة من عصابات السلاح والمخدرات وتجارة الرق، ناهيك عن أن الأوضاع على حدودنا ومع دول الجوار لا نُحسد عليها، لذلك وجب علينا أكثر من أي وقت مضى، أن نكون حصنها المنيع أمام كل محاولات التشكيك والتضليل، مثلما فعل الأشاوس بالأمس، فليست لنا صحراء غيرها ولا وطن أخر غير الجزائر.