التحول الحاسم..

فضيلة بودريش
20 جويلية 2015

شرعت الجزائر منذ بداية المخطط الخماسي الحالي في تسطير وتبني جميع الاستراتجيات التي تفضي إلى ترقية منظومتها الاقتصادية لضخ الثروة خارج قطاع المحروقات، وألقت بجميع ثقلها نحو الانفتاح الكبير لإرساء استثمارات ضخمة منتجة تمتص البطالة وتعيد الاعتبار للإنتاج الوطني وتخفض من فاتورة الاستيراد، إذا لا شك في أن الاقتصاد الجزائري في منعرج التحول الحاسم، ويتطلب في كل ذلك إقحام كافة القدرات الوطنية تتقدمها الموارد البشرية التي تتمتع بها الكفاءة مع اعتماد نظرة مستقبلية دقيقة المعالم تحدد فيها الأهداف المرجوة التي لا تقبل الإخفاق في تجسيدها.
بات كل شيء متوفرا ومتاحا لإقلاع تنموي صلب يعتمد على سواعد العمال والإطارات لتسريع وتيرة الآلة الإنتاجية المنفتحة على الجامعات ومراكز البحث والبحوث العلمية التي وحدها يمكنها طرح حلول بديلة تنافس المنتوج المستورد، ومن هنا فقط تبدأ عملية تغيير الذهنيات من خلال الاعتماد على النفس والثقة في القدرات الوطنية. وبنظرة عميقة وشاملة لجهود ترقية الاستثمارات يتضح أن الجزائر بالفعل انطلقت بعد تسطيرها لمسار تحديات وضع الاستثمار في واجهة الرهانات التنموية.
والمؤسسة الاقتصادية الجزائرية اليوم مطالبة بترشيد نفقاتها خارج قطاع الاستثمار ومفروض عليها صب كامل إمكانياتها في الاستثمار المنتج ورد الاعتبار للكفاءات البشرية. ومن الضروري في كل هذه الاستعدادات لخوض مسار تنموي واعد بكل ثقة، العودة إلى دراسة السوق لأن الهدف من إنشاء المؤسسة ليس لقتل مؤسسة أخرى وإنما الذهاب إلى قطاعات منتجة مازالت السوق في حاجة إليها وبهدف التنويع والرفع من جودة الإنتاج الوطني ومنافسة المنتوج الأجنبي. تنقضي سنة كاملة على التراجع المفاجئ لأسعار البترول، والظرف يحتم إطلاق مرحلة جديدة يتوجه فيها لتعزيز القاعدة الصناعية وتكثيف نسيج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ولعل المعالم الكبرى للبرنامج الخماسي يمكنها أن تكفل الاستمرارية في تمويل الاستثمارات المنتجة، وتبقى قطاعات كل من الفلاحة والسياحة والصيد البحري تسير بوتيرة بطيئة لا تستقطب كثيرا الاستثمار رغم الإمكانيات التي تتوفر عليها، ويمكن اللجوء إلى التحسيس بأهمية هذه القطاعات التي تبقى مجهولة لا يعرف عنها المستثمر الأجنبي والوطني الكثير حتى تحفز على إنشاء المشاريع من خلال الإقبال على استغلال ثرواتها. وعلى صعيد بعث الاستثمارات الكبرى خاصة المنشأة مع الأجانب يمكن الاستفادة من التجارب الناجحة المجسدة خلال السنوات الفارطة، يجب فوق كل ذلك استغلال الوضع الأمني المستقر في الجزائر والترويج إلى ذلك إلى جانب وفرة السيولة المالية لتوسيع القاعدة الصناعية وتكريس فعّاليتها على اعتبار أن الصناعة تعد العمود الفقري لأي اقتصاد ناشئ أو متطور.
وما يثير التساؤل..مدى جاهزية المؤسسات والمتعاملين لخوض معركة إثبات الذات والقدرة على مواكبة التحولات الكبرى التي تعرفها الآلة الإنتاجية في العالم، والتي يجب التأكيد أنها لا تنفصل عن العلم والتكنولوجيا ومرتبطة بشكل لصيق بمخابر البحث وعلى علاقة مباشرة بالمبتكرين يطلبون خدماتهم في الجودة وكذا التقليص في ثمن المنتوج لكسب معركة تنافسية الأسعار من خلال ابتكار مواد وحلول جديدة.
يذكر أن جميع المؤشرات تعكس تسجيل تحسن ملحوظ في النمو الاقتصادي الوطني خلال عام 2014 مقارنة بسنة 2013 عقب قفز عدد المشاريع الاستثمارية المستحدثة من 8895 مشروع إلى 9904 مشروع جديد، من بينها 105 مشروع استحدثه مستثمرون أجانب.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024