خيبت جنوب إفريقيا، آمال محكمة الجنايات الدولية في القبض على الرئيس السوداني عمر حسن البشير، خلال القمة العادية للاتحاد الإفريقي، التي انعقدت منتصف الشهر الجاري بجوهانسبورغ، بل وأكرمت وفادته على غرار باقي رؤساء دول وحكومات البلدان الإفريقية.
حكومة هذا البلد القوي اقتصاديا، لم تكتف بتجاهل طلب محكمة لاهاي، بل هددت بالانسحاب منها في حال ترهل بنود اتفاقية روما المؤسسة لها. وأعلنت عن الشروع في محادثات مع الاتحاد الإفريقي لدراسة سبل تطبيق قرارات تسوية النزاعات ومعاقبة المتورطين في الجرائم قاريا.
الاتحاد الإفريقي من جهته، طالب بريطانيا بالإفراج الفوري واللامشروط عن قائد مخابرات رواندا، الذي ألقي القبض عليه بمطار لندن، الأسبوع الماضي، بناء على مذكرة توقيف إسبانية.
تستمر إذاً القبضة القضائية بين الغرب وأفريقيا، فهذه الأخيرة انتقلت من التحفظات المبطنة إلى الرفض والتنديد العلني، بما تعتبره عنصرية من قبل القوى الغربية التي سلطت سوط المحكمة الجنائية على القادة الأفارقة دون سواهم، وترى كيلها بمكيالين في عدم التعرض لقادة الاحتلال الإسرائيلي الذين ارتكبوا مجازر إبادة وجرائم حرب بأبشع الطرق وأفتك الأسلحة ضد نساء وأطفال وشيخ فلسطين.
على ضوء ما سلف، تجد إفريقيا نفسها تكافح على جبهتين؛ جبهة وقف تدخل الغرب في شؤون القارة، وجبهة ضرورة محاسبة من تسببوا في مآسي وتعاسة شعوب بلدانهم، ولن تحسم المعركتان إلا بخطوة واحدة، تتعلق بإنشاء محكمة جنايات إفريقية ترعى حقوق الإنسان، وتضع الآليات المناسبة لتطبيق العقوبات الصارمة على مستحقيها.
فلا يكفي التنديد بتدخل الآخرين في تقرير مصير المسؤولين الأفارقة، لأن تعزيز الديمقراطية وترقية حقوق الإنسان وتقوية الحكامة الرشيدة، لا يتأتى إلا بأجهزة قضائية تحقق العدالة بأسمى معانيها.