المصالحة الوطنية خيار استراتيجي

حكيم بوغرارة
27 جوان 2015

إن نعمة السلم والأمن لا يشعر بها إلا من فقدها، وما حدث في تونس والكويت وفرنسا والصومال يدعونا نحن الجزائريين إلى التفكير جيدا لصون ما نحن فيه من سلم واستقرار اجتماعي.
لقد دفعني ما حدث في مختلف قارات العالم من هجمات إرهابية إلى التفكير في أهمية وقيمة المصالحة الوطنية التي مكنت الجزائر من تجاوز أخطر منعرج في تاريخها الحديث. فالدعوة لإصلاح ذات البين كانت أكبر خطوة للقضاء على الإرهاب من الجذور وهو الأمر الذي عارضه الكثيرون. هناك من وصفه بإرساء سياسة اللاعقاب، وهناك من اعتبرها عفوا على من سفك الدماء وغيرها من الأوصاف التي كانت تعكس عدم رغبة البعض في التخلص من الإرهاب حتى لا تنكشف أفعالهم وسلوكاتهم وتشجيع الإبقاء على الفوضى.
إن ما تعيشه عديد الدول العربية اليوم، يؤكد أن خيار المصالحة في الجزائر كان أحسن اختيار، حيث أصبحنا اليوم ننعم بالأمن والاستقرار ونسافر ليل نهار دون الخشية من الحواجز المزيفة أو الهجمات العشوائية.
إن ما ننعم به اليوم يعتبر هدفا ساميا للإخوة في اليمن وسوريا والعراق ومصر وتونس وليبيا، فالشعوب العربية، بالنظر للويلات وحالات التهجير التي تعرضت لها وأوضاع اللاجئين في عديد الدول، تدفعنا للتفكير في تعزيز مسار المصالحة الوطنية ومواصلة البحث عن التخلص من الآفات والسلوكات التي يمكن أن تنفخ في رماد الإرهاب.
لقد أرفقت السلطات المصالحة الوطنية التي مكنت العديد من المغرر بهم من الرجوع إلى أحضان المجتمع وعائلاتهم حقنا للدماء وطي صفحة مؤلمة من تاريخ الجزائر، ببرامج تنموية ضخمة حسّنت كثيرا من مستوى حياة الجزائريين وتداركت الكثير من النقص في المجال التنموي عبر مختلف تراب الجمهورية، كما تسعى البرامج المستقبلية إلى تقليص التفاوت في التنمية بين مختلف مناطق الجمهورية.
إن المصالحة الوطنية خيار استراتيجي يجب دعمه وإثراؤه، بالنظر لما يحدث حاليا من تحولات خطيرة في المنطقة وعمل الكثير من قوى الشر على محاولة جر الجزائر للفتنة «والربيع العربي المشؤوم». وهنا تعود بنا الذاكرة إلى محاولات زعزعة استقرار منطقة القبائل وبعض الولايات الجنوبية، من خلال استغلال الغاز الصخري وأحداث غرداية.
حقيقة أن اليد الأجنبية حاضرة في كل المؤامرات التي تحاك وتحبك على خطط وبرامج طويلة المدى لضرب استقرار الدول والجزائر كانت من المحاور التي لا يحبذون لها الاستقرار والتنمية.
إن التطورات التي تشهدها المنطقة العربية والمتوسطية والإفريقية، تجعلنا في عين الإعصار ولا بديل عن تكاتف الجهود وتجاوز الصراعات الضيقة والحفاظ على وحدة الشعب والوحدة الوطنية هي أساس الاستمرار مستقبلا.
يبقى على الإعلام الجزائري مراجعة توجهاته من خلال تفادي زرع القلاقل ونشر التصريحات التي تدعو للعنف والجهوية ومختلف الفتن حتى نحمي الشعب الجزائري من السلبية ونبعد عنه الضغينة والأحقاد التي قد تكلفنا غاليا مستقبلا.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024