بعد مسار طويل وشاق تخللته مطبّات وعراقيل كثيرة، سيصل قطار السلام المالي بعد غد الجمعة إلى محطته النهائية بباماكو، والأمل يحذو الجميع في التحاق تنسيقية الأزواد بمجموع ركّابه للتّوقيع على الاتّفاق النّهائي للسّلم والمصالحة، الذي جاء كثمرة لجهود مضنية باشرتها الوساطة الدولية بقيادة الجزائر، وبعد جولات مكّوكية من المفاوضات التي جمعت أطراف الشمال مع ممثلي السّلطة المركزية وجها لوجه، وأقنعتهم بضرورة وضع معاول تهديم وحدة البلاد وضرب استقرارها جانبا، ومدّ جسور التآخي والوئام والانطلاق في بعث أسس المشاركة السياسية ودفع عجلة التنمية...
دولة مالي أدركت طريق الخلاص ما في ذلك شك، والفضل كلّه يعود أوّلا إلى وطنية أبنائها الذين آثروا مصلحة بلادهم وقدّموها على مصالحهم العرقية والمناطقية الضيّقة، وثانيا للمساندة الدولية والجزائرية على وجه الخصوص التي رافقت بحياد واقتدار العملية السياسية في هذه الدولة الجار، ومدّتها بقشة النجاة التي أنقذتها من السقوط في هاوية الاحتراب العرقي، والوقوع في قبضة المجموعات الارهابية والتنظيمات الاجرامية.
تجربة مالي ناجحة بكل تأكيد حتى لو تأخرت بعض الأطراف عن وضع بصمتها على اتفاق السلام النهائي يوم الجمعة، لأن المفاوضات ستتواصل إلى غاية إقناعها بالجنوح إلى السّلم والمصالحة.
وهذا النجاح، إذ يعزّز خيار الحلّ السّلمي لحلحلة الأزمات وتسويتها ، فهو يمكن أن يكون نموذجا تقتدي به الدول التي تواجه معضلات أمنية وسياسية مشابهة وهي للأسف الشديد كثيرة في وطننا العربي.
وبإمكان الأشقاء في ليبيا مثلا، أن يقبلوا يد الجزائر الممدودة لترافقهم إلى برّ الأمان، خاصة وقد تأكّد بأنها الأقدر على صيانة أمن المنطقة برغم محاولات التشويش على جهودها.
قطار السّلام المالي انطلق من الجزائر، وبعد غد سيصل إلى باماكو ليقلّ أبناء الشمال ويشقّ طريقه نحو مستقبل تحيطه إرادة قوية في الاستقرار والأمن والبناء والتنمية...
الجنوح إلى السّلم
فضيلة دفوس
11
ماي
2015
شوهد:537 مرة