عنف الفرحة..

محمد مغلاوي
08 فيفري 2015

يصاب المرء بالدهشة والذهول من بعض المشاهد التي تتكرر في كل مرة يفوز فيها المنتخب الوطني لكرة القدم بمباريات هامة، يكون أبطالها بعض الأنصار الذين يتخذون طرق خطيرة وعجيبة للتعبير عن الفرحة في الأحياء والشوارع، فيحولون بهجة تلك اللحظات إلى أحزان وخراب، تصل في بعض الأحيان إلى حد الوفاة.
قد يفسر البعض حدوث تلك الأحداث الغريبة والمؤسفة جدا بأنها نتاج طبيعي لعشق الجزائريين لكرة القدم وحبهم لمنتخبم الوطني، الذي يحقق في السنوات الأخيرة نتائج باهرة على الصعيدين العالمي والقاري، لكن أن يصل الأمر حد المغامرة بالنفس وتعريض أرواح وممتلكات الآخرين للخطر وتعطيل يوميات المواطنين فهذا غير مقبول، ولا يمكن لأحد أن يشجعه أو يضعه في خانة الأمر العادي.  
لعل الكثير منا لاحظ كيف أن هناك مشجعين لـ«الخضر» من يصعدون فوق الحافلات والشاحنات والسيارات وأعمدة الكهرباء.. ومنهم من يفرطون في السرعة أثناء قيادة سياراتهم، ويفتحون نوافدها وأبوابها لممارسة طقوس فرحتهم الهستيرية غير مبالين بقوانين المرور، وكأن كل شئ مسموح في مناسبة كهذه بما فيه المجازفة ومخالفة القوانين والأعراف العامة. وليس مفاجئا بعد كل هذه الممارسات والأحداث أن تسمع بمقتل وجرح أشخاص، وتعرض أملاك عامة وخاصة للخراب والتكسير والتحطيم وتشويه للمنظر العام للأحياء والشوارع والطرق.
إذا كانت هذه الممارسات تصدر عن أنصار أغلبهم غير واعين بمخاطر ما يقومون به أو لأنهم في حالة هستيرية من الدرجة الأولى، فإن المؤسف بعد كل هذه الأحداث هو المدح الذي يصدر من بعض المنابر الإعلامية لهذا النوع من الفرحة، وتصف الأنصار بأنهم فريدون من نوعهم في العالم وغيرها من العبارات المشيدة بذلك، ما يزيد في حماستهم وهيجانهم ويشجعهم على ابتكار طرق أخرى أخطر للتعبير عن الفرحة.
بقي أن أقول أنه مثل ما للحرية حدود وللرياضة أخلاق وللعمل قوانين، فإن للتعبير عن الفرحة أيضا حدود وأخلاق لا يمكن تجاوزها. كما أن تحقيق الفريق الوطني لانتصارات، لا يحتاج إلى تلك الممارسات والتصرفات الغريبة التي تسئ للإنجاز أكثر ما تخدمه.  

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024