أثارت كاتبة الدولة الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، زوبعة سياسية لم تهدأ من خلال اعترافات في كتابها الأخير محل الجدل والإثارة. وهو كتاب فتح نقاشات ساخنة أجابت على السؤال المحير أي دور لواشنطن في اضطرابات بلدان عربية وحراك، أخذ تسميات ومصطلحات عديدة، لكنها تصب في هدف واحد: تغيير الأنظمة السياسية وفق أجندة تخدم الولايات المتحدة وتؤمن موقعها في الريادة والنفوذ.
في كتابها «hard choices»، «الخيارات الصعبة»، أكدت هيلاري كلينتون ما ظل يردد من محللين سياسيين ومفكرين الاستراتيجيين بأن ما يعرفه العالم العربي الإسلامي من اهتزازات ارتدادية وبروز قوى سياسية توظف الإسلام في أغراض هو بريء منها، وتستخدمه في ارتكاب جرائم منافية للأديان السماوية منها ديننا الحنيف السمح والأعراف، كلها صناعة مخبرية أمريكية غايتها خلط الأوراق لحسابات جيو استراتيجية.
وقالت كلينتون في ذات الكتاب الذي جاء مضمونه في شكل مذكرات سيدة البيت الأبيض سابقا، والصادر شهر جوان 2014، أن ما يعرف بالتنظيم الإرهابي «داعش» أنشئ من الولايات المتحدة الأمريكية بغرض تقسيم منطقة الشرق الأوسط، وأن العملية التي تمت بالتنسيق بين واشنطن والإخوان المسلمين كان الهدف منها إنشاء «تنظيم الدولة» بسيناء.
وأعطت كلينتون معلومات دقيقة عن أبعاد وخلفيات ما خططته أمريكا معيدة إلى الأذهان الاستراتيجية المنتهجة بغرض فرض السيطرة على منطقة تغلي بالتناقضات وتهتز تحت الاختلالات والطوارئ، قائلة أن عناصر التنظيم الإرهابي حضرت على أحسن ما يرام وزجت في العراق، ليبيا، سوريا، لكن «الثورة المتفجرة في مصر غيرت المعطيات وقلبت الحسابات في ظرف 72 ساعة». «كانت المبادرة إنشاء ما يعرف بتنظيم الدولة في سيناء والإعلان عنها رسميا شهر جويلية ثم الاعتراف بها من قبل واشنطن وبروكسل»، هذا ما ذكرته هيلاري في كتاب مليء بالملفات الحساسة التي اتخذ منها صانعو السياسة الأمريكية واستراتيجيتها قرارات غيرت مجرى الأحداث وتركت المنطقة العربية الإسلامية تعيش في دوامة العنف واضعة أياها في عين الإعصار. كتاب هيلاري كلينتون يعطي إيضاحات عن السياسة الأمريكية العربية الإسلامية ويكشف عن تطبيق لاستراتيجية صنعتها مخابر تحمل رؤية استشرافية لما يجب أن تكون عليه الخارطة الجيو استراتيجية في المنطقة، ليس وفق ما يملية التغيير الداخلي وشروط التحول الكامن، لكن ما تستدعية المصلحة الأمريكية والنفوذ. وهي مسألة كشف النقاب عنها كتاب «الخيارات الصعبة» الذي اعترفت من خلاله كليتنون بأن الجرح الذي ينزف في الرقعة العربية الإسلامية وشرخها المدمر هو بفعل فاعل، تدبره واشنطن وتحرص عليه أجهزتها الأمنية والاستخبارية تماما، مثلما أورته الفضائح المسربة من «ويكيليكس» في فترات مضت. وكانت هذه المعلومات التي قدمت في قالب «سري للغاية» مولدة هذا الانفجار الرهيب في العالم العربي وانعكاساته الخطيرة على أمن واستقرار المنطقة كلها.
في كتابها «الخيارات الصعبة» كلينتون تعترف:
التنظيـم الإرهــابي «داعش» صناعة أمريكية
فنيدس بن بلة
02
فيفري
2015
شوهد:634 مرة