الأدب الاستعجالي..كتابات واكبت رياح التّغيير من قبل العديد من المثقّفين والأدباء الجزائريين الذين وجدوا في الأزمات والحروب مادة دسمة لإبداعاتهم الشّعرية والروائية. انتشر هذا المصطلح في الجزائر على وجه الخصوص خلال العشرية السّوداء، حين ظهرت أقلام تصف هاته الفترة من تاريخ الجزائر، وزاد الحديث عنه مع بداية ما يعرف بـ “الثّورات العربية” التي شهدت بدورها سيلانا جارفا من الإصدارات، ليس على مستوى الدول العربية التي شهدت هذه الأحداث، وإنما تسارع أيضا كتاب من الجزائر لتوثيق “الثّورات” وبقوة، سواء من قبل أدباء معروفين على السّاحة الثّقافية، أو كتّاب ظهروا فجأة بظهور الأزمات.
أثار هذا النّوع من الكتابات جدلا وسط المثقّفين والأدباء، الذين اصطلحوا على تسميته بالأدب الاستعجالي. انقسمت السّاحة الثّقافية إلى فريقين، فئة أيّدت هذا النوع واعتبرته إضافة للأدب الجزائري، وثانية رأت فيه مجرّد سطور تخلو من الجماليات والدقة التي تميز الإنتاج الأدبي، حيث الهدف من ورائه التّهافت لأجل البروز والظّهور، يكتبه صحفيون لهم ميولات أدبية عبّروا عن خوفهم وقلقهم من واقعهم الجديد، ليطلق عليه أيضا تسمية “نصوص الأزمة”. وهي أزمة أفرزت سنوات التّسعينيات ما يقارب الـ 360 عنوانا روائيا لا سيما باللغة الفرنسية، ليبقى هذا النوع الأدبي مشكلا مطروحا في الوسط الثقافي وغير معترف به، خصوصا من جانب كبار الكتاب الجزائريين، الذين اعتبروا نصوصه تمسّ بالأدب الجزائري، ولا تقدّم الإضافة له، وعلى رأسهم الروائي الرّاحل الطّاهر وطّار، الذي قال: “إنّني لا أعترف بمصطلح الاستعجال في الأدب..”.
ما يمكن قوله أنّ هذا النوع الأدبي بالرغم ما قيل عنه ويقال، إلاّ أنّه يلقى إقبالا منقطع النّظير من قبل القرّاء الذي يتهافتون تباعا ـ لا سيما خلال المعرض الدولي للكتاب ـ على أحدث الإصدارات التي تتحدّث عن الأزمات، بما فيها ما يعرف بـ “الثورات الرّبيعية”، وتلهفهم للوقوف عند آخر التطورات الحاصلة، ما يدل على أنّ الأدب الاستعجالي بالرغم من رفضه من أغلب الأدباء إلاّ أنّه يحتل مكانة هامة لدى القارئ.