يبدو أن حادثة فرنسا الأخيرة قد أخذت أكثر من حجمها بدليل المزايدات والمغالطات التي طرأت على هذه القضية والتي كان الظاهر إرهابا أما الباطن كان العالم العربي و الإسلامي، وما أعقبته من كراهية وحقد ضدّ كل ما له علاقة وثيقة بديننا الحنيف، سواء على مستوى الأفراد أو المجتمعات أو حتى المؤسسات .
هل يعقل أن تتعرض المرأة المسلمة التي ترتدي زيها الإسلامي إلى القتل والمعاكسة وأحيانا الطرد من صفوف الإدارات أو حتى المرافق العمومية ؟
وهل يعقل أن يطلب من المتمدرسين من أبناء الجالية المسلمة في المدارس الأوروبية أسئلة تتعلق بكم مرة يؤدون فيها الصلاة ؟ وهل يذهبون إلى المساجد باستمرار ؟ وهل ...وهل، إلى غيرها من الأسئلة المحرجة والتي تتنافى مع الأعراف والأخلاق وحتى التقاليد والمواثيق الأممية، باعتبار أن حرية المعتقد فصل فيها الإسلام منذ أربعة عشر قرنا بدليل الآية الكريمة “ لكم دينكم ولي ديني “، وهو الذي حدّد لنا طرق التعامل مع الآخر وكيفية دعوته إلى هذا الصراط المستقيم إما بالموعظة الحسنة أو الحكمة .
يحثّنا الإسلام على احترام كل الكتب السماوية، وخير دليل أن النبي الأكرم محمد عليه الصلاة والسلام، عندما اشتد به الأمر طلب من الصحابة الكرام أن يذهبوا إلى الحبشة في قوله “ “اذهبوا إلى الحبشة فإن فيها ملك لا يظلم عنده أحد “
هاهو النبي الكريم الذي يريد الغرب تشويه صورته، وتمثيله في أفلام كرتونية،، ينشرون له صورا مشينة ما أنزل الله بها من سلطان ،« وهو الذي لا يشبّه ولا يمثّل به” و الأكثر من ذلك تقوم هولندا الآن بعرض فيلم إباحي كرتوني على الشاشات يسيئون فيه إليه وإلى زوجاته أمهات المؤمنين ونشر الرذيلة عن خاتم الأنبياء والرسل وهو الذي بعث للعالمين ، هذا الرسول الذي أعطانا دروسا في الأخلاق عندما استنجد بملك الحبشة وهو من غير ديانته لكي يحمي رجاله وأتباعه، هذه الدعوة التي طلبها الرسول من أتباعه لها في التاريخ الإسلامي وتاريخ الحروب والسياسة أكثر من أمهات الكتب تأليفا وكتابة ولن نوفيها حقها .
يشهد العالم الآن تغيرا جذريا على مستوى العلاقات الإنسانية التي كانت من زمن قاب قوسين أو أدنى وها هي اليوم تأخذ منعرجا خطيرا، على مستوى تطور الشعوب و المجتمعات التي أقامت جدران الحقد بينها وبين الجاليات المسلمة ، وكأنها بهذا السلوك تزيد الفوهة اتساعا ،وتضيف الزيت للنار لكي تشتعل أكثر، وهي بذلك تنفّذ مخططات يهودية لا أكثر .
وما الدعوى التي أصدرها الكيان الصهيوني مؤخرا إلى تسليح اليهود الأوروبيين لمواجهة أي اعتداء إرهابي، وكأن الإرهاب مرتبط بالمسلمين دون غيرهم، وفي الحقيقة هي نفسها الكيان الذي يمارس إرهابا دوليا ويوميا على أبناء الشعب الفلسطيني أمام المجموعة الدولية والأممية.
إن هذه الحادثة التي امتلكت المشهد الدولي والغرب على الخصوص، إنما هي في الحقيقة ذريعة للحدّ من انتشار الاسلام في أوروبا واستنزاف القدرات العربية والإسلامية بإثارة قضايا غير مدروسة ومفتعلة.
«شار ـ لي» والوهم.!!
نور الدين لعراجي
15
جانفي
2015
شوهد:586 مرة