دعنا في البداية ننطلق من إدانتنا لكلّ أشكال الارهاب وعملياته الدموية في كلّ مكان، لنؤكّد رفضنا لمبرّراته ودوافعه مهما كان لونها.
دعنا نشارك أهالي الضحايا آلامهم وأوجاعهم، التي ندرك أشدّ الادراك مدى فظاعتها ومرارتها، لنشدّد على ضرورة محاربة هذه الظّاهرة التي ابتلى بها العالم في العشريتين الماضيتين،
وأصبحت كالوباء القاتل لا تحدّها حدود ولا تكبحها جيوش.
لكن دعنا أيضا نقف عند ظاهرة مصاحبة قد تكون غير مقصودة، لكنها بكل تأكيد مرفوضة وهي ذلك التّمييز المفضوح بين ضحايا الارهاب، حيث تهتزّ الدنيا ولا تقعد لمّا ترتكب عملية إرهابية
ويسقط ضحايا في الغرب، ولا تتحرّك شعرة أحد وآلة الارهاب الدموي تحصد يوميا المئات من التّعساء في بلاد العرب والمسلمين.
وقد يكون لهذا السّلوك الذي ينمّي الاحساس بالغبن والظّلم، انعكاسا على الحرب المعلنة على الارهاب منذ خريف 2001، حيث أخذت هذه الظّاهرة توسّع جغرافيتها وتحتل مواقع جديدة، لتحوّل دولا عديدة إلى مرتع لتجار الموت والمجموعات الظّلامية تحت مسميات عديدة.
وبعد الجريمة النّكراء التي ارتكبت بفرنسا، أصبح لازما على الذين يقودون هذه الحرب أن يقفوا عند مسيرة 13 عاما من المواجهة ليبحثوا عن مكمن الاخفاق الذي يجعل حجم الارهاب وخطره يكبران ولا ينحصران، ويضعوا استراتيجية جديدة بعيدة عن التمييز والاستفزاز، تقوم على محاربة الأسباب قبل النتائج، وعلى تجفيف منابع التمويل التي تسمح للإرهابيين بتجنيد وتسليح جيوش من الشباب عبر العالم، وقبل ذلك وبعده على وقف الحروب المشتعلة باسم “الرّبيع الزّائف” في عدة دول عربية، والتي أصبحت أكبر ضحية للإرهاب وبؤرا لتصنيعه وتصديره، وإنهاء سياسة الكيل بمكيالين التي كثيرا ما تدفع إلى ردود فعل متطرّفة وعنيفة.
الارهاب واحد ووجعه واحد أيّا كان الانسان الذي يصيبه، ومحاربته تستدعي في كلّ الأحوال تكاثفا وتنسيقا دوليا، وأيضا إنهاء أجواء التّصعيد وتعزيز الحلول السّلمية للازمات، وإيقاظ الشّرعية الدولية من سباتها لإنصاف الشّعوب المقهورة، وغير ذلك ستطول معاناة الانسانية مع الارهاب.
الإرهاب واحد
فضيلة دفوس
12
جانفي
2015
شوهد:470 مرة