أسبوع واحد ونودّع سنة لنستقبل أخرى ... بسرعة البرق مضت الأشهر والأيام تجرّ بعضها بعضا، وكأنها تفرّ من مآسينا ومن ويلات ما تكابده الانسانية في مواقع عدّة من العالم.
مثل سابقتها، مضت السنة المودعة مثقلة بالأزمات والتوترات المتفجّرة هنا وهناك وخاصة في وطننا العربي الذي مازالت بعض دوله تعيش مخاض التغيير دون أن يتحقّق المبتغى الذي اهتزّت لأجله الشوارع قبل أربعة أعوام، فغرقت بلدان في معضلات دموية، واشتعلت نيران الإحتراب الداخلي في أخرى، وسقطت شعوب شقيقة في فخّ النعرات الطائفية والمذهبية، وامتد الإرهاب يمدّ أذرعه ويوسّع تغلغله ويعلن “دولته” الدموية بأرض العراق وسوريا اللّتين تواجهان واحدة من أبشع و أحقر المؤامرات المحبوكة بخبث ودهاء من قوى مستترة جمعت حثالة المجرمين والمنحرفين من كل ربوع العالم وزودتهم بالأسلحة وأرسلتهم إلى هناك ليعبثوا بأمن واستقرار بلاد الشام والرافدين اللذين يتحديان ببسالة فصول المؤامرة ومن يقف وراءها، ويقودان دون استسلام الحرب ضد الإرهاب بإصرار على الانتصار حتى وإن كان الثمن الذي يدفعه العراقيون والسوريون كبيرا جدّا.
عام يجرّ آخر، والقضيتان الفلسطينية والصحراوية مازالتا تنتظران استيقاظ الشرعية الدولية من سباتها العميق لفرض الحلّ العادل وتمكين الشعبين الفلسطيني والصحراوي من حقّهما في الاستقلال والانعتاق من جلاّد صهيوني لا يتوانى عن إطلاق العنان لآلته العسكرية الفتّاكة لقمع كل أشكال المقاومة مثلما فعل الصائفة الماضية في غزة، ومن احتلال مغربي لا يتردّد في ممارسة كل أشكال الانتهاكات بحق الإنسانية لإجهاض كل محاولة لتحرير الصحراء الغربية المحتلة.
أوجاع الوطن العربي كثيرة وكبيرة، فاليمن الذي يتقفّى آثار الأمن والاستقرار منذ سنوات، يجد نفسه محصورا بين ثالوث مرعب يشكّله الحوثيون في الشمال والانفصاليون في الجنوب وإرهاب “القاعدة” بينهما، وغير بعيد يعجز لبنان عن انتخاب رئيس جديد ويستقبل العام الجديد وقصر بعبدا خاليا.
أما مصر فتواصل جهودها لإعادة قطار الاستقرار إلى السكّة، وعلى حدودها الغربية ليبيا التي تتخبّط في فوضى أمنية عارمة وشبح التدخّل الخارجي يحوم في أجوائها، أما دول الخليج فتسعى لإعادة ترتيب البيت وتجاوز الاختلافات التي كادت تعصف بوحدته.
وفي ظلّ هذه الكآبة والعتمة، شمعة مضيئة تبعث بريق الأمل في غد أفضل نراها في تونس التي استطاعت أن تتجاوز امتحان التغيير بنجاح وها هي تستقبل العام الجديد وقد طوت مرحلتها الانتقالية وأقامت مؤسسات الجمهورية الثانية.
نودّع عاما لم يكن في مستوى التّطلعات ونستقبل آخر نتمنى أن يحمل الأمن والاستقرار للوطن العربي والخير للإنسانيةجمعاء.
الحصاد المرّ
فضيلة دفوس
22
ديسمبر
2014
شوهد:617 مرة