مغامرة خاسرة

سعيــــد بــن عيـاد
22 نوفمبر 2014

تواجه قضية تمكين الصحراء الغربية من ممارسة حق تقرير المصير ونيل شعبها المضطهد حريته واستقلاله، تعنت الاحتلال المغربي، ومن ورائه الشركات متعددة الجنسيات الغربية، التي تستغل الثروات الطبيعية، معطلة بذلك مسعى منظمة الأمم المتحدة في تجسيد المخرج الشرعي والقانوني المتمثل في تطبيق قرارات لجنة تصفية الاستعمار.
وأمام العزلة التي يعرفها النظام المغربي إقليميا وإفريقيا وحتى عالميا، لا يزال يفضل سياسة الهروب إلى الأمام، بدل العودة إلى الالتزام بمبادئ وقواعد الشرعية الدولية التي تضمن له وللمنطقة الانتقال إلى مستوى أكثر انفراجا في كافة المجالات التي تعول عليها بلدان المنطقة في التعاطي مع تحديات العولمة.
وبالرغم من قرار برلمان الاتحاد الأوروبي باعتبار استغلال الموارد الطبيعية في الصحراء الغربية بما فيها الصيد في المياه الإقليمية، إلا أن عددا من الشركات الكبرى أثرت في مسار اتفاقيات الصيد البحري لتفرض إرادتها بالتواطؤ مع سلطة الاحتلال على حساب القانون الدولي ومصالح الشعب الصحراوي.
 المغرب كقوة احتلال أصبح محاصرا من الشرعية الدولية التي تؤكد عدم تبعية الصحراء الغربية للمملكة المغربية منذ أن أعلنت محكمة العدل الدولية رأيها بذلك، ويتواصل تأكيد هذا الموقف القانوني على مستوى الأمم المتحدة إلى اليوم، كما يحاصره الوضع الداخلي المتدهور، الذي يثقل كاهل الشعب المغربي اجتماعيا واقتصاديا وعلى صعيد الحريات الأساسية ضمن المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
 وبالفعل لا يزال الشعب المغربي ضحية الافتراءات  والتزوير الممارس من السلطة المغربية على مدى حوالي 39 سنة، كما أشار إليه سفير الصحراء الغربية بالجزائر بجريدة الشعب أمس ، مضيفا أن الدولة المحتلة للصحراء الغربية تحاول عبثا تصدير مشاكلها وضعف حججها بتوجيه الاتهام لجارتها الجزائر، التي يرتكز موقفها الثابت على مرجعية القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
 وبفعل شعوره بالعزلة وتراجع موقفه المفضوح فإن المغرب هاجم في خطاب ملكه الأخير المستفز، كافة الأطراف بما فيها أميركا والأمم المتحدة مؤكدا أنه في أزمة وفقد بوصلة الخروج منها بأقل الخسائر.
 وبالطبع لم يبق من مؤيد له سوى بعض الأوساط الاستعمارية التقليدية التي لا ترغب أن تنهض منطقة المغرب العربي كقوة اقتصادية إقليمية، على غرار نواة مركز القرار في فرنسا، التي تدرك دون الإقرار بذلك أن مستقبلها اقتصاديا واستراتيجيا بالأخص يكمن في الرهان على الشراكة مع البلدان الإفريقية قاطبة التي تعترف أغلبيتها الساحقة بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، كما أكد عليه الدكتور إسماعيل دبش  أستاذ العلوم السياسة بجامعة الجزائر في ذات الندوة، مشيرا باستغراب إلى أن فرنسا تقايض حوالي 40 مليار دولار مكسب السوق الإفريقية بحوالي 600 مليون دولار حصيلة ما تكسبه من السوق المغربية. وأوضح أن مسطري السياسة الفرنسية بشأن ملف الصحراء الغربية يراعون بالدرجة الأولى مصالح فئة من الشركات ورجال الأعمال الفرنسيين من أصحاب المصالح الاقتصادية والتجارية في المغرب الشقيق.
هذا الأخير يواجه مصيرا رسمه بإرادته المخادعة، ولا يزال مصمما على مواصلة مغامرة خاسرة من أساسها، في وقت تضيع منه فرص اقتصادية واستثمارية يمكنها أن تساهم في النهوض بأوضاعه ضمن العودة إلى الحل الشرعي والعادل لقضية تعتبر وصمة عار في تاريخه، خاصة وأن جبهة البوليساريو سبق لها أن أعلنت حرصها على ضمان سلامة الأفراد والمؤسسات المتواجدة بالصحراء الغربية حال استقلالها، مما وضع دولة الاحتلال في أزمة عميقة مع ذاته في مواجهة الحقيقة.
 ويطرح السؤال، لماذا يواصل المغرب كل هذا التعنت والتنكر للقانون الدولي والتنكر لحسن الجوار، وأين مصلحة الشعب المغربي من كل ذلك، بينما يمنح خيار العودة الجريئة للعمل بموجب قرارات الأمم المتحدة  ذات الصلة، من خلال الالتزام بحق تقرير المصير للشعب الصحراوي منفذا نحو مساحة واسعة من التطلعات والآمال المشتركة لصالح الشعوب المغاربية، تتحقق فيها مكاسب ومنافع يستفيد منها المغرب الشقيق أيضا، وذلك ضمن بعث بناء المغارب العربي المتكامل (المعطل حاليا ومنذ سنوات) في ظل استثمار الموارد وتوظيف السوق مع تكريس الحريات وتحرير المبادرات الاستثمارية، فهل يتخلص المغرب من عقدة احتلاله للصحراء الغربية بترك ثقافة التوسع والهيمنة والتضليل، لصالح ثقافة التعاون واحترام الدول والشعوب أم يفضل مواصلة مغامرة لم يعد لها مكان في عالمنا اليوم؟.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024