تزامنت مناسبة عاشوراء الدينية الموافقة للعاشر من محرم من كل عام - والجزائر تحتفل بالذكرى الستين لاندلاع الثورة المجيدة في غرة نوفمبر الخالد، الذي قرر فيه الشعب الجزائري الرد على فرنسا الاستعمارية بلغة غير تلك التي عهدتها خلال مراحل أفسدت فيها النسل والحرث وعاثت في الأرض فسادا بمجازرها التي كانت أبشع من النازية، التي اشتكت منها، وقد حاولت بشتى الطرق والأساليب طمس الهوية الإسلامية والشخصية الوطنية، لكن محاولاتها باءت كلها بالفشل.
وإذ ارتبطت ذكرى عاشوراء باليوم الذي رست فيه سفينة سيدنا نوح على الجودي فصامه نوح عليه السلام، كما أنه اليوم الذي أهلك الله فيه فرعون، ونجّى فيه موسى عليه السلام. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم هذا اليوم قبل هجرته، ولما هاجر إلى المدينة ووجد اليهود يصومونه قال: “أنا أحق بموسى منكم” وهذا يثبت حرص النبي على مخالفة اليهود والنصارى، خصوصا بعد أن استقرّت الدعوة في عهدها المدني.
المناسبة تحل ووطن الشهداء يستعيد أمجاده، وذكريات بطولاته، وإنجازات ثورته المجيدة وتشهد الجزائر أعظم ستينية تمجّد هذه الذكرى من خلال الإنجازات والتظاهرات التي تشهدها الولايات على كل الصّعد الإنمائية والحيوية، فهذا المعرض الدولي للكتاب في طبعته الـ19 الذي يحمل شعار نوفمبر والذكرى – تحج إليه دور النشر العالمية إلى وطن المليون ونصف المليون شهيد، لتقدم منشوراتها المعرفية والتاريخية والعلمية في شتى مجالات الحياة وبكل اللغات، وتصنع الجزائر بذلك مشهدها الثقافي والإبداعي والمعرفي في زخم التنافس والتنوع والتميز.
وإذا كان أبناء “الكحلة والبيضاء” أو سفراء الوفاق السطايفي، أحفاد الوليّ سيدي الخير وأبناء عين الفوارة قد حققوا النصر التاريخي والبطولي بملعب مصطفى تشاكر بالبليدة أمس الأول في ملحمة رياضية، أحرزوا خلالها على كأس الكاف، فإن هذا الإنجاز أيضا مستمد نصره من حنايا نوفمبر، الذي هو رمز الشجاعة والبطولة، فكان الفريق وفاق الجزائر وليس وفاق سطيف فقط.
إن تلاحم الشعب الجزائري لنصرة الوفاق هو نصرة لأبناء نوفمبر، وأمجاد الكرة السطايفية؛ لعريبي والإخوة صالحي وكرمالي وقريش وجاب الله وزرقان وسرار وعصماني والذين صنعوا مجد النسر الأسود والكرة الجزائرية على العموم.
إن محاكاتنا لماضينا المجيد والتشبث بأمجاد وصانعي ملحمة ثورة نوفمبر، والدفاع عن ثوابتنا الوطنية، هو رسالة حضارية، ودرع أمام كل محاولات المساس بوحدتنا الترابية من أقصاها إلى أدناها لا تفريط في أي شبر من الجزائر ولو قيد أنملة، ومن خلال هذا المنبر نحيي كل قوات جيشنا الوطني الشعبي سليل جيش التحرير، في حرصها على حماية الوطن والمواطن.
عاشوراء وغّرة نوفمبر
نورالدين لعراجي
01
نوفمبر
2014
شوهد:719 مرة