أمننا الغذائي

جمال أوكيلي
28 سبتمبر 2014

تدرج السّلطات العمومية مسألة الأمن الغذائي ضمن انشغالها اليومي، لضمان سقف معين من الإنتاج الفلاحي يدعّمه كل ما يتعلّق بالتحويل لاستحداث ذلك التكامل في الاستراتيجية المتّبعة على المدى البعيد. وليس من قبيل الصّدف أن يخصّص لهذا القطاع حوالي ٣٠٠ مليار دينار لإبقاء كل الشّعب تسير وفق نسق قائم على ما يعرف بالنّجاعة والتحكم في الاختصاص.
ولابد من الإشارة هنا، إلى أنّ هناك قفزة عملاقة في إنتاج بعض المواد الزراعية كالبطاطا والطماطم والبصل والفلفل التي تستعمل يوميا، نفس الشيء ينطبق على نظيرتها الموسمية، الموجودة بقوة في الأسواق التي تبيع بالجملة أو بالتّفصيل.
وذلك الإنشغال يزداد حضورا كلّما تعلّق الأمر بإنتاج الحبوب، هذه المادة الحيوية كانت دائما محل اهتمام الجهات المسؤولة التي حقا قدّمت كل التّسهيلات للفلاّحين لتحقيق مستوى معين في الهكتار الواحد، وصلت إلى حد إعادة شراء المنتوج الفائض عليهم وإنشاء “نادي الـ ٥٠”، الذي يشجّع كل من بلغ إنتاجه ٥٠ قنطارا في الهكتار، ناهيك عن المتابعة الميدانية واختيار أحسن البذور. والجميع يتذكّر بأنّ سنة ٢٠٠٩ عرفت إنتاجا قياسيا وصل إلى ٦١ مليون قنطار، أما ما بعد هذه السنوات فقد سجّل تراجعا ملحوظا.
اليوم أو خلال هذا الموسم قدّر الإنتاج بـ ٣٤ مليون قنطار، والسنة الماضية ٤٩ مليون قنطار، أي بفارق يقدّر بـ ١٥ مليون قنطار، كيف حدث كل هذا بالرغم من الدّعم السّالف الذّكر؟
علينا بقراءة متأنّية لهذا الرّقم وتحليله وفق نظرة واقعية ورؤية توجس لا لشيء سوى إبداء نوع من الإرادة في تغيير الآليات الحالية المتكفّلة بإنتاج الحبوب، وهذا لوضع حد أو عدم الإرتماء في أحضان دعاة الإستيراد، الذين أوصلوا الفاتورة إلى حدّ لا يطاق، ولا يمكن القبول بها نظرا لقدرتنا على تحقيق ما نحتاجه في هذا المجال دون الحديث عن الاكتفاء الذاتي الذي أصبح مفهوما تجاوزه الزمن، لأنّ الأمر حاليا يؤكّد على الأمن الغذائي.
لذلك فإنّ ما أنتج هذا الموسم يعدّ ناقوس خطر وإنذار لكل العاملين في هذا الحقل، ليس من باب تثبيط العزائم وإنما العمل على التفكير في أساليب حديثة لإنتاج حبوب لا تعتمد على تلك الطرق البالية، منها خاصة إعادة بعث مشروع السّقي التّكميلي الذي مازال معطّلا، وكذلك الاستمرار في استعمال أحسن البذور وتوسيع مساحة الإنتاج إلى أكثر من ٣ ملايين و٣٠٠ ألف الحالية، لأنه منذ أن كانت زراعتنا تسير بالأدوات التقليدية ونحن نسمع عن نقص الأمطار، فإلى متى هذا التّبرير غير المقنع؟ ألا توجد بدائل أخرى!؟
إنّها تساؤلات تستدعي من وزارة الفلاحة والتنمية الريفية الإسراع في فتح هذا الملف لنقاش عميق بين المختصّين، خاصة ونحن نحتفل باليوم الوطني للإرشاد الفلاحي واليوم العالمي للتغذية، حتى نغلق باب الإستيراد الذي سيكون هذه السنة مرتفعا إلى حد لا يمكن القبول به، لأنّه بإمكاننا أن نتجاوز ذلك نظرا للقدرات المادية والبشرية، حتى ما يعرف بالديوان المهني للحبوب يعاد النظر فيه حى لا يبقى إدارة تستورد فقط.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024