يمثّل عيد الأضحى مناسبة اقتصادية بامتياز أيضا، فإلى جانب طابعه الشّرعي يعطي الحدث حيوية من حيث النّشاط التّجاري وتداول السّيولة المالية. ويتوقّع أن يتم نحر هذه السنة أكثر من 3 ملايين رأس غنم تباع بمتوسط أسعار تتراوح بين 35 إلى 40 ألف دينار، وهو مؤشّر يعكس أهمية الثروة الحيوانية والكتلة المالية التي تتداول في أسواق الأضاحي في فترة أقل من شهر، إلى جانب فرص العمل الظرفية التي تواكب المناسبة مثل عودة حرفة شحذ السّكاكين وارتفاع الطلب على خدمات البياطرة، وازدياد الطلب على عدة أدوات ووسائل مطلوبة.
في الواقع يمكن تصنيف هذا الظّرف الذي يتقدّم المشهد الاقتصادي عبر كافة أرجاء البلاد في خانة أحد أهم محفّزات تحريك الدورتين الاقتصادية والتجارية على الصعيد المحلي، خاصة وأنّه يساعد على تجديد الثّروة الحيوانية ويوفّر فرص عمل من خلال طرح الطّلب على جملة من الخدمات الحرفية.
لكن ماذا لو يتمّ التّكفل بتشخيص هذا الجانب وبحث امكانيات تحويل النشاط من طابعه الظرفي والتقليدي إلى مفجّر لاستثمارات اقتصادية صغيرة ومتوسطة تنطلق من بعث تربية المواشي ضمن مزارع نموذجية تخضع لمعايير اقتصادية إلى تنمية وتطوير المسالخ الصناعية مرورا بتكوين موارد بشرية احترافية ذات صلة بهذا النشاط؟
وفي هذا الإطار، يمكن طرح سؤال مباشر حول مدى القيمة الاقتصادية مثلا للجلود المستخلصة من نحر الأضاحي وقيمتها الاقتصادية إذا ما وجدت محيطا يوفّر أدوات لاسترجاعها واستغلالها ثم تحويلها إلى مادة أوّلية جاهزة لدخول الفضاء الاقتصادي الصناعي. وليس جديدا التأكيد على الأهمية التي تكتسيها مادة الجلود الحيوانية في تنمية الصناعة ذات الصلة خاصة التقليدية منها في وقت تعرف فيه الصناعة الوطنية عودة قوية من خلال جملة المشاريع الاستثمارية التي بدأت تبرز على الساحة وتعتمد في كثير من جوانبها على مادة الجلود.
لقد حان الوقت لإعادة صياغة مسار قطاع المواشي ضمن ورقة الطريق المسطّرة للتنمية الفلاحية بالمفهوم الصناعي، ذلك أنّ الصّناعة بكافة أشكالها هي المصدر الحقيقي للنمو الاقتصادي، كما أنّ الاستثمار في المواشي يمثل في بلدان متقدّمة أحد مصادر دخل بفضل إدراجها في مسارات التصدير. ولا يمكن أن يبقى هذا المجال مجرّد موعد شرعي وإنما من روح الشّرع نفسه، ينبغي أن تجد الجهات المعنية آليات من أجل إدراج هذا النّشاط في الدورة الاقتصادية، حتى لا يبقى مجرد نشاط تجاري ظرفي يعيش خارج الدّورة الرّسمية، ولعل أهم ما ينبغي التصدي له أيضا مسألة تداول الأموال لمنع تسرّب أموال قذرة تجد في هذه الأسواق مساحة مواتية، ممّا يستدعي البحث في وسائل أكثر أمنا.
بعث استرجاع الجلود
سعيد بن عياد
26
سبتمبر
2014
شوهد:582 مرة