لا يختلف اثنان أن سوء تقدير انتشار وباء الايبولا في إفريقيا يشبه تماما سوء تقدير انتشار وباء «داعش» في العراق و سوريا، جعل الأول يتحول بمرور الوقت إلى معضلة صحية استنفرت العالم كله والثاني إلى معضلة أمنية مستعصية أخرجت مجلس الأمن الأممي عن صمته المطبق أمام الفظاعات التي اقترفها هذا التنظيم الوحشي والذي طالما تغذى من مساعدات الدول الغربية بالسلاح والذخيرة بدعوى معارضته لنظام بشار الأسد في سوريا، سبب برر كذلك السماح للآلاف من المقاتلين من كل أنحاء العالم وتسهيل دخولهم إلى الأراضي السورية للقتال في صفوف جبهة النصرة وداعش خاصة أولئك القادمين من أوروبا والذين أصبح يخشى من عودتهم إلى بلدانهم مشبعين بالأفكار التكفيرية الإرهابية وإمكانية قيامهم بأعمال قد تهدد القارة الأوروبية بأكملها مستقبلا.
إن عقد المقارنة بين فيروس الايبولا وتنظيم «داعش» ليس فقط لتوضيح سرعة انتشار كلاهما ولكن لتبيان بطء ولامبالاة القوى الكبرى في التعاطي مع المعضلات التي تواجه الإنسانية عندما تكون هي في مأمن عن ذلك ونجدها سرعان ما تغير الخطاب والأفعال عندما تستشعر بأنها هي كذلك معنية ومعرضة لتلك المخاطر بنفس درجة الدول الأخرى لأن العالم أصبح قرية صغيرة تلاشت فيه كل العوازل والمعوقات ولم يعد بإمكان الدول الكبرى التفرج على مآسي الآخرين والتي تسببت في الكثير منها من برجها العاجي.
الأكيد أن قرار مجلس الأمن الذي صدر الجمعة ضد تنظيمي «داعش» و«النصرة» تحت طائلة الفصل السابع للأمم المتحدة نزل كالصاعقة على تلك الجماعات الإرهابية الدموية، رغم أنه جاء متأخرا بعد ان استطاع تنظيم «داعش» التغول وأصبح بعبعا يخيف الدول والحكومات التي هرولت إلى صرف ملايير الدولارات على شراء الأسلحة والمعدات وبعد ان ارتكب هذا التنظيم فظاعات كان يمكن تفاديها لو تخلت الدول الغربية عن تفاقها وحساباتها الضيقة والأنانية ولكن للأسف نفس تلك الحسابات هي التي جعلت الغرب يعيد النظر في التعاطي مع تلك الجماعات التي كان يعتبرها بالأمس القريب معارضة مسلحة!.
الايبولا و داعش ..
أمين بلعمري
15
أوث
2014
شوهد:611 مرة