جمعني في الأيام القليلة الماضية، حديث مع شاب من بوركينافاسو، حول الأوضاع السياسية والاقتصادية ببلده في إفريقيا أنهكتها الحروب والآفات. أظهر الشاب الذي يملك وظيفة حكومية وعيا شديدا بالتحديات التي تواجهها دولته ورأى في الديمقراطية ومراعاة المصلحة العامة للشعب سبيلا للخروج من التخلف، وختم بالدعاء لتخليص إفريقيا من الحروب والديكتاتورية وداء ايبولا.
لم تتخلص أفريقيا بعد أزيد من 50 سنة عن الاستقلال، من عناصر التخلف ومسببات المآسي الإنسانية لشرائح واسعة من شعوبها التعيسة. وفشلت في التخلص من الهشاشة السياسية، الاقتصادية والعسكرية في كل نقلة نوعية تحدثها، وغالبا ما أدى تشبث الحكام بالكراسي والانقلابات وصراع المتمردين مع السلطة إلى العودة إلى الصفر وتدمير ما بني سنوات خلال أسبوع واحد من الاقتتال.
ولاشك أن التفكير في المصالح الشخصية وصراع المواقع والنفوذ، هو الآفة الأولى التي أتت على كل مشاريع النهوض بالدول، فحينما يكون حاكم عادل نزيه لا هم له سوى خدمة شعبه والعمل على تدليل وفيات الأطفال وتقليل نسب البطالة والقضاء على نسبة الأمية، تنشأ بالضرورة الدولة القوية، وحينما تبنى جيوش نظامية محترفة ويتوقف توريد أسلحة الحروب الأهلية، نستطيع الحديث عن الإستراتيجيات الناجعة لمكافحة الإرهاب، وبتنمية العنصر البشري وصرف الميزانيات المعتبرة على الصحة والتعليم، تستطيع أفريقيا تجنب «إيبولا» الفتاك والمالاريا وغيرها من الأمراض والأوبئة.
لا يمكن التعويل على الغرب والمساعدات الأجنبية وحدها، لنفض الغبار والانتقال من واقع مزري إلى تطور وازدهار، فالتحديات مترابطة وشائكة، تقع مسؤولية التصدي لها على عاتق الأفارقة أنفسم.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.