ليست صدفة أن تغتال الصحافيتين الفلسطينيتين شيرين أبوعاقلة وغفران مهران في ظرف لا يتعدى شهرا واحدا، بأجواء مروّعة وقاتمة تتسم بحدّة لهجة الاحتلال الذي جنّد آلته العسكرية وأشهر سيفه المسموم لتوسيع دائرته الاستيطانية بخطط دنيئة وأساليب بغيضة، ومستعد أن يرفع من وتيرة جرائمه وسفك المزيد من دماء الأبرياء، ليلتهم أكبر قدر من أراضي وحقوق الفلسطينيين بطريقة الخطف تارة، وتارة أخرى بالضحك على ذقن الرأي العام العالمي..
يا ترى ماذا يخفي الصهاينة من وراء الانحراف نحو اقتراف جرائم الاغتيال في حق الصحافيين الفلسطينيين برصاص الجبن وضغينة تجعل منه لا يمت للإنسانية بأيّ صلة.
الاحتلال مستعجل في استكمال مشروعه الاستيطاني، ولا يرغب أن تعلو من فلسطين المحتلة أصوات وصرخات الحقيقة المطالبة بالحرية، لأنّها تنغص عليه راحته وهدوءه، لذا لا يتردد في اقتلاعها بجبروت القوة والعنف، لأنّ الفلسطينيين عرفوا كيف يوجهوا أقلامهم المناضلة وعدسات كاميراتهم، لفضح كل ما يجري في فلسطين، ولعلّ صمود رجال الإعلام يتكامل مع كفاح أبطال المعارك، لذا المحتل أيقن بشكل مبكر ضرورة تكميم الأفواه وخنق حرية التعبير عبر التهديد بالقتل، وكأنه يقول أنّ أبوعاقلة وغفران عبرة لكل من يحاول نقل حقيقة الاحتلال خارج أسوار فلسطين المحتلة.
يوميا يسقط الضحايا الأبرياء في صفوف الشعب الفلسطيني، دون أن يتحرك المجتمع الدولي بما فيه منظمات حقوق الإنسان التي تنتقد هامش الحريات في الدول وتتشدق عاليا باستهجانها وتحذيرها، موجهة اتهامات لاذعة للحكومات، لكنها تتوقف إذا تعلق الأمر بإدانة ما يجري في فلسطين المحتلة، وكان الأجدر بها أن تطالب القيام بفتح تحقيقات جدية وشفافة في الاغتيال الإجرامي للصحافيين، لأنه مساس خطير بحرية التعبير، وسابقة لا يقبل السكوت عنها، بخصوص اغتيال في ظرف أسابيع قليلة صحفيتين بنيران عساكر مسلحين.
تصفيات جسدية خطيرة بواسطة قناصين جنّدهم الاحتلال لتصفية جسدية لفلسطينيين عزل، يبدو تكتيكا جديدا للاحتلال الصهيوني وأسلوب إرهابي خطير لا يهدّد الفلسطينيين وحدهم بل المنطقة بأكملها.