..كما كان متوقّعا..تحرّكت دواليب سوق اللّقاحات من جديد، وأعلنت ألمانيا عن شراء أربعمائة ألف جرعة من اللّقاح المضادّ لـ «جدري القرود»، لأنّها لا تريد للفيروس أن «يرسّخ نفسه» بين المواطنين الألمان، ولا شكّ أنّ دولا أخرى ستلتحق بالألمان، للمشاركة في سباق الحصول على اللقاح، ورفع أسهم الشّركات المنتجة في البورصات العالمية، ثم يأتي دور المنظّمات المدعوّة «إنسانية»، كي تبكي وتندب بعض الوقت، ثمّ تتكفّل بإرسال معونات (لقاحية) إلى عدد من الدّول، كي تلقّح علاقاتها بها، ويعود الجميع إلى قواعدهم سالمين، بعد أن يحقق الفيروس غايته من المجتمع الإنساني، في انتظار دورة جديدة، لفيروس جديد..
ورغم اتفاق الجميع على أنّ «جدري القرود» لا يمكن أن يصل إلى مستوى الجائحة، فإنّ حملة التّخويف من الآثار التي يحفرها على الوجوه، بصفة خاصة، تشجّع على دخول بورصة اللّقاح، فقد أيقن العالم، من خلال تجربته مع كورونا، أن منظّمة الصّحة العالمية، لا تقول ما تعرف بالضّرورة، وبما أنّ الحكمة تقتضي «درهم الوقاية» تجنّبا «لقنطار العلاج»، فإن السبيل المضمونة الوحيدة حاليا، تمرّ عبر التلقيح الذي يريح الرؤوس من التفكير في الممكنات والمحتملات، تماما مثلما يضمن تجنّب مآلات (وقوع الفاس في الراس)، ما يعني أنّ دروب البورصات كلّها تبقى موشّاة بالورد والياسمين، ولن يتخلّف عنها أحد..
ولسنا نعرف طبيعة هذا الفيروس، ولكنّه، بالتأكيد، لا يختلف عن فيروس كورونا، على المستوى الطّبي، وعلى المستوى الاقتصادي أيضا، ويكفي التعامل معه بما تقتضي أصول النّظافة، وهذه، عندنا، ثقافة أصيلة، بل هي في صلب ديننا؛ لهذا، لا نخشى ممّا تروّج له الحملات المشؤومة التي لا تكفّ عن الصّراخ بالويل والثّبور عبر وكالات الأنباء العالمية..