تحركت «العنصريّة» الفرنسيّة، أمس، وخرّبت نصبا تذكاريّا بمدينة «أمبواز»، كان ينبغي أن يُدشّن اعترافا بمقاومة الأمير عبد القادر الجزائري الباسلة ضد الاستعمار الفرنسي.
والحقّ أن سموّ مقام الأمير عبد القادر الجزائري، لا يحتاج إلى بيان، فهو علَمٌ عظيم يحظى باعتراف البشرية شرقا ومغربا، ولن ينقص منه أنّ جلفا عنصريا خرّب منحوتة له، فهذا يحدث مع العظماء، غير أن الخطر الحقيقي محدق بفرنسا في ذاتها، فهي التي قضت تاريخا كاملا في تغذية «الكراهية» و»احتقار الآخر» و»التّعالي على البشر»، حتى إنّ أديبا كبيرا مثل إميل زولا، لم يجد في رواية (تيريز راكان) ما يحفظ به «الشّرف الفرنسي»، سوى نسبة الفسوق والمروق إلى (أمّ وهرانية) نسب إليها بطلته الفرنسيّة الفاسقة، على أساس أنه يستغلّ «العلم الوراثة»!! في بناء شخصياته، كي يوهم القارئ الفرنسي بأنّه (المخيّر انتاع المخيّر)..
وإذا نظرنا إلى التراث العنصري الذي (تتمتّع) به فرنسا، فإنّنا لا يمكن أن نخطئ آرتير دي غوبينو، الذي أسّس لـ»العنصرية» واشتغل على تلميع الفوارق بين البشر. غير أنّ كل ذلك الرّكام من التّراث لا يضير أحدا سوى الفرنسيين أنفسهم، خاصة وأنّنا هزمنا (التنظير العنصري) هو الآخر، بأيدي بررة من أمثال امحند تازروت الذي فكّك دي غوبينو، وأقام البراهين على ما يعتري رؤيته من خلل وقصور، تماما مثلما قام محمد بن شنب بالفصل بين الهوية الجزائرية، والافتراء الاستعماري، ولدينا – في تراثنا الإنساني – كثيرا من هؤلاء الذين لم ينتصروا سوى للإنسان..
ما زال الأمير عبد القادر الجزائري شامخا شموخ الجبال، لا يضيره شيء، وسيحتفظ له التاريخ بالسّمو الإنساني الذي نشره، في زمن لم يكن العالم يتقوّت إلا على «العنصرية».أمّا أعداؤه من المرضى النفسيين، فهم يؤكدون أن (النار تأكل بعضها، إن لم تجد ما تأكله)..