أعرب كثير من المثقفين المعروفين عن «استيائهم» من الطريقة التي اختير بها ممثلو الثّقافة الجزائرية بمعرض القاهرة الدّولي. واتفق كثيرون على أنّها نفس الأسماء المكرّسة التي لم تضف شيئا ذا بال إلى الصّرح الثقافي، وأنّها أسماء (لم تهشّ ولم تنشّ) في عوالم الثقافة..
ما يهمّنا في الأمر، هل أن وزارة الثقافة ترى أن الباحثين في التّاريخ والنّقاد وغيرهم ممّن لا يشتغلون بـ»الشّعر» و»النّثر» و»الموسيقى» و»الرّقص»، ليسوا (تابعين) لها، وأنّ مظلتهم الوارفة هي «التعليم العالي»، وهذا يعني أنّ مالك بن نبي – على سبيل المثال – يكون تابعا لوزارة الشؤون الدينية حين يكتب «الظاهرة القرآنية»، ولوزارة المالية حين يكتب «المسلم في عالم الاقتصاد»، ولوزارة الاستشراف حين يكتب «مشكلة النهضة»، ولوزارة (ستارت آب) حين يكتب «مذكرات شاهد على القرن»، ولا تختلف الحال بالنسبة لمحمد بن شنب، ولا لمحمد أركون وأمثالهما، فهؤلاء جميعا – وفق معيار الانتقاء – (تابعون) لوزارة التعليم العالي، وهذه ليس من مهامّها ترقية الفعل الثقافي، ولا المشاركة في معرض القاهرة، ما يعني أن وزارة الثقافة عندنا تكتفي بـ»الشعر» و»النثر»، ولا تهتم كثيرا لما هو دونهما..
وفات وزارتنا أنّ المثقف لا يمكن أن يكون (تابعا)، فالأصل أنّه يرتقي إلى مقام «المثقف» حين يكون (متبوعا)، وهذه نقطة نعتقد أنّها صعبة جدّا لم تعرف أبدا وظيفتها في الوجود..