من الجزائر إلى القاهرة يمتد جسر عربي قائم على أسس متينة بمعايير دبلوماسية واقتصادية تستوعب التحديات التي يواجهها العالم العربي، يرتقب أن تؤطرها مقاربة شاملة تصاغ في قمة الجزائر، حيث ينتظر أن تلتئم الدول العربية في موعد، صرح الرئيس تبون أن يكون جامعا للرمزية الوطنية التاريخية والبعد القومي العربي.
الزيارة التي قادت الرئيس تبون إلى مصر الكنانة، حملت أكثر من دلالة في شتى المجالات وأعادت كثيرا من المؤشرات إلى صدارة المشهد في البلدين وفي الوطن العربي على امتداد جغرافيته، تعكس رصيدا ثريا من التعاون والتنسيق انطلاقا من الحرص على إعادة الصوت العربي إلى المنابر العالمية والإقليمية، ولديه كل المقومات لذلك بالرغم من عبء ملفات وقضايا لطالما كان لأطراف أجنبية تأثير في مساراتها، وليس أدل على ذلك القضية الفلسطينية.
إنها أم القضايا، تتعلق باسترجاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة (الجولان) في جوان 1967 من طرف الكيان الصهيوني، مستفيدا من دعم غربي وتواطؤ بعض أفراد من البيت العربي بلغ في حالات مفضوحة ممن ليسوا من دول الطوق، درجة مقايضة المبادئ التي سطرها الآباء الأولون وحرصوا عليها آنذاك بالرغم من قلة الوسائل وقلة الحيلة أمام نفوذ قوى عالمية نافذة.
لقد تركت الزيارة أصداء إيجابية في الصحافة القاهرة لما للجزائر والشقيقة مصر من قواسم مشتركة تصدت لكل الهزات وصمدت أمام تغيّرات عبر عقود، لتسمو المصلحة العربية المشتركة حتى يستعيد الجسد العربي توازنه في المنطقة ويؤسس لمرحلة أخرى أكثر مبادرة في صناعة القرار الإقليمي والدولي كطرف فاعل أكثر من مجرد حلقة تائهة تتأثر أكثر من أن تؤثر لتصبح عرضة لابتزاز ومقايضة.
المحادثات بين تبون والسيسي، كما أكداه في الندوة الصحفية، خاضت في كل الملفات بروح بناء وفقا لبوصلة عنوانها العمل العربي المشترك تنصهر فيه الأنانية وتسمو المشاركة ضمن مسار تنتعش من خلاله حظوظ بل حقوق البلدان العربية في الاستقرار تحت مظلة الدولة الوطنية، وتبوّإ مواقع لائقة على مستوى المنابر الكبرى العالمية، مع الدفاع بلسان حر وواضح عن الحقوق وفقا للشرعية الدولية دون خشية لومة لائم.
كل هذه التطلعات والآمال سوف تتبلور حتما في محطة الجزائر، موعد يتلقي فيه الأشقاء لرؤية للمستقبل أكثر من الماضي دون إغفال المعالم الكبرى فهي التي تبقى منارة للأجيال.