تبرز وسائل التواصل الاجتماعي في عصرنا كأدوات زخم مهيمنة على أفكار المجتمع، فهي من تحتضنها وتوظفها وتحركها وفق أجنداتها ومصالحها الأساسية، تحت غطاء السياسة العامة ومزاعم الحرية.
في هذا النسق، تبرق أمامنا مسألة في غاية الأهمية، تتمثل في تكييف منصات تنشط بكامل الحرية وتستعمل قناعات المجتمع كقاعدة لجمع البيانات والإلمام بـ “الغسيل” الداخلي للشعوب والدول.
وإذا كانت البيانات مهمة بشكل فارق، فإن جمعها وتحليلها وإدراكها يعد ثروة بالغة الأهمية للشركات الاقتصادية والتجارية ومصالح الاستخبارات العالمية.
يبرز الدور المثير والخطير لوسائط التواصل الاجتماعي في جانبين، فهي وسائل إعلام ضخمة لا تتوفر على قواعد أو معايير ضبط تفتح أبوابا واسعة أمام الشغب الإيديولوجي الذي يمكن أن يتحول إلى عنف، وما يستتبع ذلك من بيانات تحوزها تقوم ببيعها للشركات الاقتصادية والتجارية وأجهزة الاستخبارات لدراسة الجمهور والاستفادة من تحليل الميول والتوجهات وتوظيفها وفق مصالحها الإستراتيجية، وهو ما حلله بشكل موسع كتاب البيانات الكبرى “ثورة ستغير الطريقة التي نعيش، ونعمل، ونفكر بها”، للكاتبين فيكتور ماير شونبرجر وكينيث كوكير، وهو ما تحدث عنه كذلك كتاب حرب البيانات المعارك الخفية لجمع معلوماتنا والتحكم في عالمنا، للكاتب بروس شنيير.
بالمقابل، هي شركات تحقق عوائد مالية ضخمة من النشر والإعلانات، دون وجود موظفين في الدول التي تنشط بها ولا تخضع للقواعد ونظم النشر، كما أنها لا تدفع أي ضرائب رغم عوائدها المالية الهائلة.
لقد عمدت نيجيريا لإغلاق أبوابها في وجه العصفور الأزرق “تويتر”، حينما تجرأ على حذف تغريدة واحدة للرئيس الحالي محمد بخاري. وكان الخبر قد سقط، آنذاك، على مسامع الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب بردا وسلاما واحتفى به أيّما احتفاء بعد أن دعا دولا أخرى للحذو حذو أبوجا، وهو الذي حجب أصلا لدواع تحريضية.
بعدها عاد تويتر إلى الفيل النيجيري الذي يتصدر الاقتصادات الإفريقية، لكنه عاد بعد أشهر من المفاوضات بشروط عالية اللهجة، وافق خلالها على كل شروط نيجيريا، التي كان على رأسها افتتاح مكتب قانوني، والتسجيل المادي، مع تعيين ممثل للدولة للتواصل مع الحكومة عند الحاجة، وإدارة المحتويات التي لا تحترم قوانين نيجيريا، والتسجيل لفرض الضرائب ودفعها لخزينة البلاد.