لا يمضي يوم إلا وتطالعنا الأخبار عن محاولات الهجرة السرية عبر قوارب الموت، إما يتم توقيفهم والعودة بهم إلى حضن الوطن، أو تلتهمهم الأمواج لتلقي بجثثهم على الشوطئ وقد يحالف الحظ القليل جدا منهم فيصلون الى الوجهة التي أرادوا وغالبا في السجن أو العمل بأبخس الأثمان.
بالرغم من العدد المخيف للضحايا الذين تخلفهم «الحرقة»، الا انه بالمقابل لا يزال تجار الموت يوهمون الناس بالمغامرة، مقابل حصد الملايير من خلال بيع الأوهام التي تغري الشباب، بينما الحقيقة غالبا ما تنتهي الرحلات الى «الموت»، والشباب الذي يشكل ثروة الأمة وذخرها بحاجة الى مرافقة محلية للولوج الى عالم الشغل بكل تحدياته ومشاكله ونقائصه.
للأسف، اجتمعت قوى الشر من تجار الموت حول هدف واحد، هو استهداف الشباب الجزائري، مستغلين عفويته وجرأته وحبه للمغامرة. وليت تلك الجهات الهدامة تدرك خطر جرائمها بالعودة الى السكة الصحيحية، بضخ كل تلك الجهود في مسار إقحام الشباب في العمل داخل بلاده ومواجهة كل العوائق بنفس إرادة مواجهة خطر الحرقة. لكن، للأسف، الحملات المشجعة على «الحرقة» أكثر تأثيرا عن تلك التي تحذر من عواقب ركوب البحر في زورق يفتقد لأبسط الضروريات وغير آمن. ويبدو أن الصور والفيديوهات التي تبث عبر القنوات التلفزيونية أو من خلال الفايسبوك، لا تحرك شيئا في شاب يريد أن «يعيش الدور» الذي رسمه في خياله، بحثا عن الجنة المفقودة التي يريد أن يصل إليها بأي ثمن ولو كانت حياته.
والأغرب أن هناك من الأمهات من تنشرن معلومات حول أولادهن الذين وصلوا بسلام إلى هناك. علما ان مثل هذا الترويج له تأثير، ما يستدعي جهدا مضاعفا من قبل المؤثرين الفايسبوكيين في القيام بحملات أكثر لمحاربة الظاهرة. فمتى ينتهي «كابوس البحر» الذي تستيقظ عليه أمهات فقدن أولادهن بالموت أو بالذهاب من غير عودة؟.