العقوبات تعمّق الأزمات

فضيلة دفوس
15 جانفي 2022

 

سؤال جوهري يفرض نفسه أمام تطوّرات الوضع في مالي، «ما جدوى العقوبات القاسية التي فرضتها المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا «إيكواس» على هذه الدولة التي تعيش مصاعب أمنية واقتصادية واجتماعية كبيرة، وهل سيعجّل تعليق التجارة معها وقطع المساعدات المالية عنها وتجميد أصولها بتنظيم الانتخابات وإنهاء المرحلة الانتقالية، أم على العكس تماما سيزيد من تأزيم الوضع ومعاقبة الماليين على اعتبار أن العقوبات دائما ما تستهدف الأنظمة الحاكمة لكن نتائجها الكارثية تقع على رؤوس الشعوب المغلوبة على أمرها؟.

قبل أسبوع، قرّرت مجموعة «إيكواس» أن تنتقل من مرحلة التحذير والتهديد إلى مرحلة التنفيذ، حيث فرضت سلسلة من القيود على دولة مالي بسبب قرار هذه الأخيرة بتأجيل إجراء الانتخابات التي كانت مقرّرة شهر فيفري المقبل. 

العقوبات التي وصفت بالأكثر صرامة وشراسة، تضمّنت إغلاق دول غرب إفريقيا لحدودها البرية والجوية مع مالي، وإلغاء رحلاتها الجوية إليها، إضافة إلى تعليق التجارة باستثناء السلع الأساسية، وقطع المساعدات المالية، وتجميد أصولها.

وتوّجت العقوبات باستدعاء دول «إيكواس» لسفرائها في باماكو التي شهدت انقلابين عسكريين منذ العام 2020 وأزمة أمنية عميقة.

وقالت المجموعة التي تأسّست عام 1975، إن هذه العقوبات ستدخل حيز التنفيذ فورا، ولن ترفع إلا بشكل تدريجي عندما تقدم السلطات المالية جدولا زمنيا مقبولا، وعندما يُلاحَظ إحراز تقدم مرضٍ في تنفيذه.

«إيكواس»، اعتبرت قرارها بخنق مالي سياسيا واقتصاديا، أمرا مشروعا ومنطقيا، وذلك حتى ترغم المجلس العسكري الذي يقود البلاد منذ ماي الماضي على مراجعة مقترحه بإجراء الانتخابات الرئاسية عام 2026، أي - كما قالت - «منع حكومة عسكرية انتقالية غير شرعية من أخذ الشعب المالي رهينة خلال السنوات الخمس المقبلة».

غير أن المجلس العسكري المالي لم يلتزم الصّمت وردّ بالمثل، حيث سحب سفراء مالي من دول المجموعة  «وغلق حدود البلاد الجوية 

والبرية معها، وندّد بالطابع غير الإنساني لهذه العقوبات التي ستكون لها تأثيرات خطيرة على السكان الذين يعانون أصلا جراء الأزمتين الأمنية والصحية».

وبرّر تأجيله لتنظيم الانتخابات في الشهر المقبل، بقوله إنه غير قادر على الالتزام بهذه المهلة، مشيرا إلى انعدام الاستقرار المستمر في البلاد التي تشهد أعمال عنف، إضافة الى ضرورة تنفيذ إصلاحات على غرار إصلاح الدستور، كي لا تترافق الانتخابات مع احتجاجات كما حصل في الانتخابات السابقة.

وبعيدا عن ضغوط هذا الطرف وردّ الطرف الآخر، نعتقد بأنّ حل الأزمة السياسية في مالي واختصار المرحلة الانتقالية لن يكون مطلقا عبر العقوبات التي ستكون تأثيراتها سيّئة على الشعب وقد تدفعه على العكس تماما، ليلتفّ حول المجلس العسكري الذي يقوده الكولونيل غويتا أسيمي، لهذا لابدّ من طريق آخر  للوصول إلى إقرار حكم مدني منتخب في مالي، الطريق، يتحدّد في الحوار الهادئ والواقعي الذي يتوّج بخطة تأخذ بعين الاعتبار المتطلبات الدولية وتطلعات الشعب المالي المشروعة، وكذلك العوامل الداخلية المرتبطة بالديناميكيات المالية الوطنية.

وقد تكون الجزائر أقدر الدول على لعب دور الوسيط بين الطرفين خاصة وهي ترأس الوساطة الدولية ومجلس متابعة اتفاقية السلام والمصالحة في مالي المنبثقة عن مسار الجزائر (الموقع عام 2015)، وأيضا بـاعتبارها بلدا مجاورا يتقاسم مع جمهورية مالي حدودا برية وتاريخا طويل الأمد يميزه حسن الجوار.

وتحذيرها من الانعكاسات الخطيرة للعقوبات، لا يمنع  الجزائر من تأكيد تمسكها بضرورة التزام السلطات الانتقالية المالية بجعل 2022 سنة إقامة نظام دستوري مالي جامع وتوافقي، يهدف إلى تكريس المكاسب ومتطلبات اتفاقية السلام والمصالحة في مالي، المنبثقة عن مسار الجزائر».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024