لماذا لا نقرأ؟!.. هذا سؤال يتردّد في جميع المنتديات، ويطرح بمناسبة وغير مناسبة، وهناك مؤسسات ثقافية جعلته شغلها الشاغل، رغبة في تجاوز المأزق، وتحويل «الكتاب» إلى صناعة حقيقية تسهم في تنمية الاقتصاد الوطني من جهة، وتقوم بدورها الرائد على المستويين الاجتماعي والثقافي..
ولا شكّ أنّنا لن نجد من ينكر على «القراءة» أهميّتها، فنحن جميعا نعرف أهميّة هذه المادة، تماما مثلما نعرف أن نجاح بقية القطاعات مرهون بنجاح «الكتاب»، ونستطيع كلّنا أن نصوغ المقالات الطوال في الموضوع، فنعرض الأسباب التي نتوسم أنها حجر العثرة، ونقترح لها الحلول، ثم نعود إلى نقطة البداية، لنطرح نفس السؤال، ونعرض نفس النتائج، و(العام تابع خوه) على رأي المثل الجزائري..
ينبغي تغيير السؤال إذن..
السؤال الذي ينبغي أن يطرح هو: لماذا نقرأ؟! وإذا تمكّنا من الإجابة الحصيفة، يمكن أن نتجاوز الصعوبات التي تفرض نفسها علينا..
لماذا نقرأ ما دام الوضع الاجتماعي المرموق، مضمونا بمجرّد بعض المعريفة، لماذا نقرأ ما دام الرّفاه مضمونا بـ «البزنسة» والاحتكار والمتاجرة بأقوات الناس؟! لماذا نقرأ، ونحن نرى كل الذين تمادوا في القراءة، بلا أصوات، بل إنهم جميعا يصبحون بطالين بالضرورة، أو موظفين في مراتب دنيا، إن كانوا من ذوي الحظ؟! لماذا نقرأ، ونحن نعرف بأنّ أسباب الحياة لا علاقة لها بدرس ولا ببحث ولا بنبوغ؟! لماذا نقرأ ونحن نعرف جيّدا مصير النوابغ المشؤوم؟!
إنّ تحويل «الكتاب» إلى صناعة حقيقيّة، ومنح «الثقافة» فاعليتها التي تقتضيها، لن يتحقق بـ»الدّعم» المالي، ولا بـ»النّشاطات الواجهاتيّة» (التي تستهلك الدّعم المالي)، ولا بـ»الخطابات» الرّنانة المتفائلة، وإنّما بإجراءات واقعيّة تنتهي إلى التخلص من كل الآفات التي نخرت حياتنا اليومية، وحوّلتها إلى جملة من التناقضات المركّبة