في الوقت الذي يمرّ فيه الوطن العربي بانكسارات ويواجه تحديات مصيرية على أكثر من صعيد، ما فتئت الجزائر تبدي انشغالها، بالرغم من التحديات التي لا تتوقف، مسخّرة كل الجهود والإمكانيات لكي يبقي الجسد العربي على نبضات تسمح له بالنهوض مجددا على أساس قواعد سليمة تنسجم مع تطلعات الدول وشعوبها لمستقبل يرتفع معه سقف الرهانات.
عواصف عديدة ومخططات مكشوفة آخرها تقرير البنك العالمي المفبرك، تجاوزتها الجزائر وعينها في ذات الوقت على مصير الأمة العربية وسط أتون عولمة استهدفت منذ البداية الأسس واضعة الجميع أمام التاريخ بين نقل كل ذلك الموروث النضالي من أجل الحرية وحماية السيادة أو السقوط في المحظور، أمر توليه الجزائر الأهمية المطلوبة بضمان توازن المصالح وثبات المواقف.
هذه المقاربة سوف تكون بالتأكيد ضمن الأرضية التي ترتكز عليها القمة العربية المقبلة لتكون قمة جمع الشمل وتجديد العهد، بحيث يستعيد الوطن العربي أنفاسه من أرض الجزائر الحريصة على وحدة الصف واستقلالية القرار، خاصة تجاه القضية الفلسطينية التي لا تقبل مقايضة أو ابتزازا منذ اعتماد المبادرة العربية كحد أدنى لا يمكن التنازل عنه، أمام “تغوّل” الاحتلال الصهيوني مستفيدا من انقسام الصف ليجد جسر عبور لتطبيع فائق السرعة تحول مرحلة متقدمة إلى عامل تهديد للاستقرار.
هناك أساسيات صلبة تحكم العمل العربي المشترك ينبغي إعادة تنشيطها في دواليب المنظومة بحيث يستعيد الوطن العربي، على تنوعه واختلاف توجهات أعضائه، ثقله في المشهد العالمي كقوة مبادرة أكبر بكثير مما كان في الماضي، حتى يتم قطع الطريق أمام قوى الاستعمار الجديد التي تحاول التسلل عبر منصات عربية، للأسف، ينبغي تفكيكها بإعادة صياغة مسار عربي بهوية أصلية منفتحة على التحولات دون الذوبان فيها.
لقد تقاسمت الجزائر مع أشقائها عبر التاريخ الحلو والمرّ وكانت دوما في طليعة التضامن العربي، لا تترك فرصة إلا ودعت إلى المصالحة داخل الأوطان نفسها وفيما بينها، معادلة تضع الجميع أمام المسؤولية تجاه الذاكرة العربية والشعوب بأجيالها الجديدة بتجديد العهد الذي سطره الأولون وتطوير الرؤية الشاملة بما يقطع الطريق أمام كل خائن للعهد