مثقلة بالأزمات، مقيّدة بالتحدّيات، ودّعت القارة الإفريقية سنة 2021 واستقبلت العام الجديد وكلّها أمل في تحقيق الأمن والاستقرار، وتفكيك الألغام السياسية والاقتصادية التي ترهن تنميتها وتعوق تطوّرها.
السنة المودّعة وبالرغم من الاختراقات الاقتصادية التي حققتها العديد من دولها، فقد مرّت صعبة على القارة السمراء والكثير من شعوبها التي لا زالت تعاني من عدم الاستقرار السياسي والهشاشة الأمنية والصعوبات الاجتماعية، حيث عادت الانقلابات العسكرية لتفرض نفسها بقوّة، مثلما حصل في غينيا ومالي، كما مثَّلت إثيوبيا البؤرة الأكثر دموية في القارة بعدما تفّجر النزاع المسلّح بين الجيش النظامي وجبهة تيغراي، إضافة إلى تأزّم الوضع في السودان، وتنامي المدّ الإرهابي خاصّة بمنطقة الساحل وغرب إفريقيا، وما صاحب ذلك من توتر إفريقي- فرنسي ملحوظ، وصراع خارجي محموم على تقاسم مناطق النفوذ.
دخلت إفريقيا، العام الجديد وهي تجرّ أزماتها بعدما أخفقت في حلّها، بداية بالأزمة الليبية والقضية الصحراوية، وحتى المعضلة الصحية، وقد تجلى واضحا تراجع دور المنتظم القاري تحت رئاسة الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي وعجز المنظمات الإقليمية الفرعية مثل « إيكواس» في معالجة الأزمات المتصاعدة.
لهذا نترقب أن يكون الانتقال السياسي عسيرا في إفريقيا، والنموذج تقدّمه دولة السودان، التي تشهد انزلاقا خطيرا بسبب تعطل المسار الديمقراطي، كما تطرحه الشكوك المحيطة بتنظيم الانتخابات في مالي وتشاد بموعدها المحدّد.
وسوف لن يكون الانتقال الديمقراطي هو التحدي الوحيد في إفريقيا، بل هناك الظاهرة الإرهابية التي تشير التوقعات إلى إمكانية استفحالها خاصّة وأن المجموعات الدموية تستغل الأزمة الصحية العالمية والإغلاق لاستقطاب وتجنيد مزيد من الإرهابيين، وأيضا للحصول على وسائل التكنولوجيا المتطورة لتبقى مصدر انشغال في القارة السمراء.
لكن هل إفريقيا هي هذه الصورة القاتمة فقط ؟، لحسن الحظّ لا، لأنّ الكثير من دولها حقّقت تقدما ملحوظا في مجال الانتقال الديمقراطي وحتى في التنمية، ونذكر على سبيل المثال أنغولا، رواندا وغانا، كوت ديفوار ونيجيريا.
أما الدول التي لازالت تعاني، فبإمكانها تغيير قدرها بالحوار والتعاون الإقليمي وإطلاق مبادرات لتصويب المقاربات القارية إزاء العديد من المشكلات والملفات الاقتصادية والسياسية والإنسانية والأمنية.
ومن الأولوية تعزيز العمل المؤسساتي والجماعي الإفريقي و تصحيح انحرافات المنتظم القاري الذي أدار ظهره لمشكلات السمراء، واتخذ إقراراٍ أحاديا بقبول عضوية إسرائيل مراقبًا في الاتحاد الإفريقي دون عِلْم دُول بحجم الجزائر ونيجيريا ومصر وجنوب إفريقيا .