ما يزال التلاعب بالمواد الغذائية الأساسية متواصلا، بالرغم من الإجراءات الرّدعية التي اتّخذتها السلطات المعنية لحماية المواطنين ممّن يعملون على النّيل منهم، وإخضاعهم إلى رغباتهم المتنامية في تحقيق الرّفاه على حساب شعب كامل.. وأخطر من هذا، أن «الاحتكار» الذي يصرّون عليه، لا يعبّر – في حقيقته - إلا عن إرادة في النيل من مناخ الاستقرار، فليس هناك شيء آخر يفسّر الأمر غير هذا..
السيناريو نفسه يتكرّر بأسلوب هزلي، ويدقّ على أعصاب المواطنين بطريقة ساذجة. فـ «المحتكرون» من معدمي الخيال، يكرّرون نفس الحيل، دون أن يخطر على بالهم بأنّ أمرهم مكشوف، وقصدهم معروف، وأنّ المسألة هذه المرّة، لا تعدو كونها متعلّقة بخبر أفاد أن «الأسعار ستشهد ارتفاعا محسوسا مع السنة الجديدة»، وعلى هذا، راحوا يخزّنون السّلع من أجل الإفادة من فوارق الأسعار، حتى إن الواحد من التّجار صار يبيع مادته وهو يشكو المتاجرة بها دون فائدة تذكر..
تحضرنا هنا قصة ذلك الطالب العربي بالجامعة البريطانية، الذي تعوّد على شراء بعض الفول السوداني وهو في طريقه إلى جامعته مقابل «بنس» واحد، وفي أحد الأيام، طلب حظه من (الكاكاو) كما هي عادته، فأخبرته صاحبة الكشك أن لديها ما ثمنه «بنس» واحد، وما ثمنه بنسان اثنان، فتساءل عن الفرق بينهما، وعلم أن المسألة مجرد ارتفاع في السعر، بسبب حرب دائرة في البلد الذي يورّد المادة، هنالك، اقترح على صاحبة الكشك أن تخلط سلعتها، وتبيعها جميعها ببنسين، فتحقق ربحا إضافيا..
وكم كانت صدمة الطالب العربي مذهلة، حين طلبت منه البائعة أن يقترب منها، لتلقي في أذنه سؤالا حارقا: «هل أنت سارق؟!»..